مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وكذلك سكنى الدور وزروع الأرضين وغيرها " .
[ ص: 205 ] قال
الماوردي : قد مضى الكلام في أن نماء الرهن ومنافعه ملك للراهن دون المرتهن ، فقدم
الشافعي سكنى الدور وزروع الأرضين ، فإن
كان الرهن دارا فللراهن حالات ، حال يريد سكناها ، وحال يريد إجارتها ، فإن أراد أن يسكنها فمنصوص
الشافعي في كتبه الجديدة أن له ذلك ، ولا يمنع من سكناها مدة الرهن ، فإذا حل الحق بيعت فيه .
وقال في الرهن الصغير والرهن القديم : يمنع من سكناها إلا أن يأذن المرتهن ، وقيل : لك أن تؤجرها غيرك ، ولا تسكنها بنفسك .
فاختلف أصحابنا ، فكان بعضهم يخرجها على قولين ، وقال آخرون ؛ وهذا الصحيح : إنها ليست على قولين وإنما هي على اختلاف حالين ، فالموضع الذي أجاز للراهن أن يسكنها بإذن المرتهن وغير إذنه إذا كان ثقة يؤمن جحوده ، والموضع الذي منع الراهن أن يسكنها إلا بإذن المرتهن إذا كان متهما لا يؤمن جحوده ، فإن أراد الراهن إجارتها فله أن يؤاجرها مدة الرهن من غير زيادة عليها ، مثاله أن تكون مدة الرهن وأجل الحق سنة ، فله أن يؤاجرها سنة فما دون ، وليس له أن يؤاجرها أكثر من سنة ، فإن آجرها أكثر من سنة نظر ، فإن كان الراهن قد آجرها بإذن المرتهن صحت الإجارة ولزمت ، وإن أجرها بغير إذنه ففي الإجارة قولان :
أحدهما : جائزة .
والثاني : غير جائزة ، بناء على اختلاف قوليه في بيع الدار المؤاجرة ، فإن قيل : إن بيع الدار المؤاجرة جائز جازت المؤاجرة ، وإن قيل : إن بيع الدار المؤاجرة لا يجوز لم تجز الإجارة .
فإذا قلنا إن الإجارة غير جائزة فهي باطلة فيما زاد على السنة ، وهل تبطل في السنة أم لا ؟ على قولين من تفريق الصفقة : لأنه عقد قد جمع جائزا وغير جائز .
وإذا قلنا : الإجارة جائزة فإن لم تكن توكس في ثمن الرهن فهي لازمة في جميع مدتها ، وليس للمرتهن الاعتراض ، وإن كانت توكس في ثمن الرهن بطلت الإجارة فيما زاد على السنة ، وهل تبطل في السنة أم لا ؟ على قولين ، لأن ما فعله الراهن مما يوكس في ثمن الرهن مردود كتزويج الأمة ، وسواء رضي بذلك المرتهن فيما بعد أو لم يرض .