مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
كان الرهن ماشية فأراد الراهن أن ينزي عليها ، أو عبدا صغيرا فأراد أن يختنه ، أو احتاج إلى شرب دواء أو فتح عرق ، أو الدابة إلى توديج أو تبزيع فليس للمرتهن أن يمنعه مما فيه للرهن منفعة ، ويمنعه مما فيه مضرة " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال إذا كان الرهن ماشية ، فإن كانت ذكرانا فله أن ينزيها على إناثه ما لم يتجاوز فيها العرف ، لأن الإنزاء من منفعتها ولا ينتقص شيء من ثمنها ، فإن كانت إناثا فأراد أن ينزي عليها ذكرانا ، فإن كانت تضع قبل حلول الحق فله ذلك ، وليس للمرتهن منعه منه في أوانه ، لما في منعه من تعطيل نفعها وذهاب نتاجها ، فإن قيل : أليس لو
كان الرهن جارية لم يكن للراهن أن يزوجها خوفا من حبلها ؟ فهلا كان ممنوعا في الماشية من الإنزاء عليها لأجل حبلها ، قيل الفرق بينهما من ثلاثة أوجه :
[ ص: 216 ] أحدها : أن النتاج في الماشية هو المنفعة المقصودة والنماء المطلوب غالبا ، وليس كذلك في الإماء .
والثاني : أن غالب الولادة في الإماء مخوف ، وليس كذلك في الماشية .
والثالث : أن الولادة في الإماء في الغالب نقص ، وليس كذلك في الماشية .
فأما إذا كانت لا تضع قبل حلول الحق ، فهل له الإنزاء عليها أم لا ؟ على قولين مبنيين على اختلاف قوليه في الماشية هل تباع إذا حل الحق وهي حوامل أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : يجبر الراهن على بيعها عند حلول الحق وإن حملت ، وهذا على القول الذي يقول إن الحمل تبع ، فعلى هذا له أن ينزي عليها وليس للمرتهن منعه .
والثاني : أن الراهن لا يجبر على بيعها عند حلول الحق إذا حملت حتى تضع وهذا على القول الذي يقول إن الحمل يأخذ قسطا من الثمن .
فعلى هذا ليس له أن ينزي عليها إلا بإذن المرتهن ، وللمرتهن منعه منه لما فيه من تأخير حقه .
وعلى هذين القولين لو
كانت الماشية ذكرانا وإناثا ، كان وجوب التفرقة بين ذكرانها وأنثاها على قولين ، فلو قال الراهن : أنا أنزي عليها وأبيعها عند محل الحق حوامل ، كان هذا وعدا ، وله ألا يفعل ، وللمرتهن أن يمنعه منه .