مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان الرهن مما يكال أو يوزن كان للذي افتك نصفه أن يقاسم المرتهن بإذن شريكه " .
قال
الماوردي : وإنما عطف
الشافعي بهذه المسألة على المسألة الأولى ، وهو أن يكون
الراهن اثنين والمرتهن واحد ، فينفك حصة أحد الراهنين من الرهنين ، إما بأداء أو إبراء ، فلا يخلو حال الرهن إذا من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون مما لا يقسم جبرا ولا صلحا كالعبد والدابة ، فتكون الحصة الخارجة من الرهن شائعة ، ولمالكها التصرف فيها ، كتصرف الشركاء في المشاع .
والقسم الثاني : أن يكون مما يقسم جبرا ، وهو ما تماثل أجزاؤه من الحبوب المكيلة والمائعات الموزونة ، فإذا ادعى الشريك إلى القيمة أجبر الشريك الراهن والمرتهن على مقاسمته ، فإن قسم ذلك بنفسه ، وأخذ من الحملة قدر حصته من غير أن يتقاسمه المرتهن والشريك والراهن ففيه وجهان :
أحدهما : أن ذلك لا يجوز ، لأن الملك مشترك بينهما ، فلم يجز أن يتفرد أحدهما بتمليك بعضه ، وعلى هذا يكون ما أخذه بالقسمة بينهما ، وعليه ضمانه ، وما تركه بينهما ، وليس عليه ضمانه .
والوجه الثاني : أن ذلك جائز ، لأن ما أخذه لو كان غاصبا ضمنه بمثله ، فإذا كان شريكا ضمنه بحقه ، فعلى هذا لو أخذ بالقسمة أكثر من حقه ملك منه قدر حصته ، وضمن الزيادة لشريكه .
والقسم الثالث : أن يكون مما يقسم صلحا ولا يقسم جبرا ، وهو ما اختلفت أجزاؤه وتفاضلت قيمته ، كالبقر والأرض والعروض والنبات ، فلا تصح للقسمة إلا برضى الراهن الباقي والمرتهن ، فإن تفرد أحدهما بمقاسمته تصح القسمة : لأن للراهن حق الملك وللمرتهن حق المنفعة الوثيقة ، فإن رضي الراهن دون المرتهن لم يجبر المرتهن : لحقه في الوثيقة ، ولو رضي المرتهن دون الراهن لم يجبر الراهن لحقه في الملك ، ولكن لو رضيا معا وجعل أحدهما إلى
[ ص: 221 ] الآخر مقاسمة الشريك جاز ذلك وصحت القسمة ، سواء قاسمه الراهن بإذن المرتهن ، أو قاسمه بإذن الراهن .