[ ص: 230 ] باب رهن الأرض
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " إذا رهن أرضا ولم يقل ببنائها وشجرها فالأرض رهن دون بنائها وشجرها " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا
رهن أرضا ذات نبات وشجر فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يشترط دخول نباتها وشجرها في الأرض ، فيكون جميع ذلك رهنا مع الأرض وفاقا .
والقسم الثاني : أن يشترط خروج نباتها وشجرها من الرهن فيكون جميع ذلك خارجا من الرهن ، وتكون الأرض وحدها رهنا .
والقسم الثالث : أن يطلق الرهن في الأرض من غير أن يكون منه في البناء والغراس شرط ، فالذي نص عليه
الشافعي في الرهن أن الأرض تكون رهنا دون نباتها ، وقال في كتاب البيوع : إذا باعه الأرض ذات البناء والشجر مطلقا كان البناء والشجر داخلا في البيع تبعا للأرض ، فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن الحكم في البيع والرهن سواء ، وأن البناء والشجر خارج من العقد وغير تابع للأرض في البيع والرهن ، وحملوا ما ذكروه في البيوع على بيع الأرض بحقوقها ، وأما مع الإطلاق فلا .
والمذهب الثاني : أنهم خرجوا في الرهن من البيوع قولا ، وفي البيوع من الرهن قولا ، وجعلوا مسألة الرهن والبيوع معا على قولين :
أحدهما :
دخول البناء والشجر في عقد البيع والرهن تبعا للأرض لأنه متصل بالأرض فأشبه حقوق الأرض .
والقول الثاني : خروج البناء والشجر في البيع والرهن لأنه مما يمكن إفراده بالعقد فلم يدخل فيه إلا بالشرط كالأرض .
[ ص: 231 ] والمذهب الثالث وهو الصحيح ، حمل الجواب على ظاهره في الموضعين فيكون البناء والشجر يدخلان في عقد البيع بغير شرط ولا يدخلان في عقد الرهن إلا بشرط ،
والفرق بين البيع والرهن من وجهين :
أحدهما : أن البيع عقد ينقل الملك قد حل فيه توابع المبيع بغير شرط لقوته ، وعقد الرهن وثيقة لا تنقل الملك ، فلم يدخل فيه إلا ما سمي لضعفه .
والثاني : أن البيع لما تبعه ما حدث بعد العقد تبعه ما كان موجودا حين العقد ، والرهن لما لم يتبعه ما حدث بعد العقد لم يتبعه ما كان موجودا حين العقد .