مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
وليس للراهن ولا للمرتهن قطعها قبل أوانها إلا بأن يرضيا به وإذا بلغت إبانها فأيهما أراد قطعها جبر الآخر على ذلك لأنه من صلاحها " .
قال
الماوردي : أما إن اتفقا على قطعها فذاك لهما ، سواء كان ذلك قبل إدراكها أو بعده : لأنها حق لهما ، وإن اتفقا على تركها فذلك لهما ، سواء كان ذلك بعد إدراكها أو قبله ، وإن اختلفا فدعا أحدهما إلى قطعها ودعا الآخر إلى تركها والحق مؤجل لم يحل ، فلا يخلو حال الثمرة من أحد أمرين :
إما أن تكون مدركة أو غير مدركة ، فالقول قول من دعا إلى تركها ، سواء كان الراهن داعيا إلى تركها أو المرتهن ، لأن الثمرة زيد في ثمنها ، وفي نفسها إلى وقت إدراكها ، والزيادة المنفصلة بالرهن حادثة على ملك الراهن ، وداخلة في وثيقة المرتهن ، فلم يجبر الراهن على قطعها : لما فيه من إبطال ملكه من زيادتها ، ولم يجبر المرتهن على قطعها ، لما فيه من إبطال استساقة زيادتها ، وإن كانت الثمرة مدركة فالقول قول من دعا إلى قطعها ، سواء كان الراهن داعيا إلى قطعها أو المرتهن : لأن في تركها بعد الإدراك إضاعة لها وإتلافا ، وفي قطعها
[ ص: 241 ] حراسة لها وحفظ ، فكان القول قول من دعا إلى حراستها وحفظها ، دون من دعا إلى إضاعتها وإتلافها .
فلو دعا أحدهما إلى قطعها في أول إدراكها ، ودعا الآخر إلى قطعها بعد تناهي إدراكها ، فإن كانت مما يجتنى رطبا ولا يشمس ، فالقول قول من دعا إلى قطعها من أول إدراكها : لأنه أحفظ لها ، وإن كانت مما يجفف وتشمس ، فالقول قول من دعا إلى قطعها بعد تناهي إدراكها : لأنه أكمل لزيادتها وأوفر لثمنها .