مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
دفع إليه حقا فقال : قد رهنتكه بما فيه وقبضه المرتهن ورضي كان الحق رهنا وما فيه خارجا من الرهن إن كان فيه شيء لجهل المرتهن بما فيه ، وأما الخريطة فلا يجوز الرهن فيها إلا بأن يقول دون ما فيها ، ويجوز في الحق لأن الظاهر من الحق أن له قيمة والظاهر من الخريطة أن لا قيمة لها وإنما يراد ما فيها " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا
رهنه حقا أو خريطة وفي جوف ذلك شيء من ثياب أو عرض فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يرهنه ما في الحق أو الخريطة دون الحق أو الخريطة فهذا ينظر فيه فإن كانا يعلمان ما في الحق أو الخريطة صح الرهن ، وإن كانا يجهلان أو أحدهما ما في الحق أو الخريطة بطل الرهن ، وإن كان مشروطا في بيع ففي بطلان الرهن قولان :
والضرب الثاني : أن يرهنه الحق أو الخريطة دون ما فيها ، فالرهن في الحق جائز ، لأن
[ ص: 253 ] غالب الحقاق أن لها قيمة فجاز رهنها ، والرهن في الخريطة باطل : لأن غالب الخريطة لا قيمة لها فلم يجز رهنها ، فإن كان الحق مما لا قيمة لمثله لم يجز رهنها كالخريطة ، ولو كانت الخريطة مما لها قيمة جاز رهنها كالحق .
والضرب الثالث : أن يرهنه الحق والخريطة مع ما في ذلك من شيء ، فإن كانا يعلمان ما فيها صح الرهن في الحق والخريطة مع ما فيها ، وسواء كانت الخريطة مما لها قيمة أو لا : لأنها صارت تبعا لما له قيمة ، وإن كانا يجهلان أو أحدهما ما في الحق أو الخريطة كان رهن ما فيها باطلا للجهل به ، وهل يبطل الرهن في الحق أو الخريطة على قولين من تفريق الصفقة .
أحدهما : يبطل على القول الذي يمنع فيه من تفريق الصفقة ، فعلى هذا في بطلان البيع قولان .
والثاني : لا يبطل على القول الذي يجوز فيه تفريق الصفقة ، فعلى هذا يصح الرهن في الحق إن كان له قيمة ، ويبطل في الخريطة إن لم يكن لها قيمة ، والبيع لا يبطل ، والبائع مخير فيه بين الإمضاء والفسخ .