فصل : وإن كان
النقص غير متميز فهو على ضربين :
ضرب يمكن إفراده ، وضرب لا يمكن إفراده بالعقد ، فإن كان مما لا يمكن إفراده بالعقد مثل عور العبد أو ذهاب يده أو هزاله بعد سمنه لم يخل ذلك من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون ذلك بحادث من السماء .
والثاني : أن يكون بجناية المشتري .
والثالث : أن تكون بجناية أجنبي .
فإن كان هذا النقص بحادث من السماء فللبائع أن يأخذه ناقصا بجميع ثمنه ولا يرجع على المفلس المشتري بأرش نقصه ؛ لأن المشتري ضمنه بثمنه ، ومن ضمن الشيء بثمنه لم يضمن أرش نقصه عند استحقاق العين من يده ؛ كالبائع لما ضمن المبيع للمشتري بثمنه دون قيمته لم يضمن أرش ما حدث من نقصه في يده وكان ذلك مخالفا للغاصب ، لأن الغاصب لما كان ضامنا للشيء المغصوب بقيمته دون ثمنه ضمن أرش ما حدث من النقص في يده ، وإن كان هذا النقص بجناية أجنبي فأرشها مضمون عليه بجنايته ، فيكون للبائع أن يأخذه ناقصا بالثمن ويرجع بأرش النقص ؛ لأنه مضمون على جنايته ، ألا ترى أنه لو كان في يد بائعه فجنى عليه أجنبي أخذه المشتري بثمنه وأخذ أرش نقصه ، وإذا
[ ص: 278 ] وجب للبائع - إذ استرجع العبد بثمنه - أن يرجع بأرش نقصه نظر في الأرش فإن كان باقيا على الجاني لم يأخذه المشتري كان للبائع أن يختص بأخذه ولا يشارك الغرماء فيه ؛ لأنه بدل من عين الذي تفرد باسترجاعها ، فإن كان الأرش قد أخذه المشتري واستهلكه ضرب البائع بقدر الأرش مع الغرماء ولم يتقدم به عليهم ؛ لأنه بدل عن مستهلكه غير موجود ، وإن كان هذا النقص بجناية المشتري ففيها وجهان ذكرناهما في البيوع إذا جنى البائع على ما في يده من المبيع .
أحد الوجهين : أن أرش جنايته غير مضمون عليه - كحادث من السماء - فعلى هذا للبائع أن يسترجعه ناقصا بكل الثمن إن شاء ولا أرش له .
والوجه الثاني : أن أرش جنايته مضمون عليه كجناية الأجنبي ، فعلى هذا للبائع أن يسترجعه ناقصا بكل الثمن وضرب مع الغرماء بأرش النقص ، فهذا حكم النقص المتصل إذا لم يمكن إفراده بالعقد .