مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " أو باعه زرعا مع أرض خرج أو لم يخرج ثم أصابه مدركا أخذه كله " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : وجملة حال
الأرض المزروعة إذا بيعت مع زرعها أنه لا يخلو حال الزرع الذي فيها من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون بذرا .
والثاني : أن يكون بقلا .
والثالث : أن يكون سنبلا ، فإن كان الزرع بذرا مدفونا لم يظهر بعد فإن جهلا جنسه
[ ص: 282 ] وقدره بطل البيع في البذر ، وهل يبطل في الأرض أم لا ؟ على قولين من تفريق الصفقة ، ومن أصحابنا من أبطله قولا واحدا للجهالة بثمن البذر ، وإن كان البذر معلوم الجنس والقدر لم يجز بيعه مفردا ، وفي جواز بيعه مع الأرض وجهان :
أحدهما : وهو ظاهر قوله هاهنا - جوازه خرج أو لم يخرج ، ووجهه أن ما كان تبعا لمعلوم لم تضر الجهالة به كأساس البناء واللبن في الضرع .
والوجه الثاني : - وهو ظاهر نصه في كتاب الأم - أن بيعه باطل : لأنه وإن كان تبعا فهو مقصود بخلاف الأساس واللبن فإنه لا يدخل في البيع إلا بشرط ، وتأول من ذهب إلى هذا الوجه قول
الشافعي : ( خرج أو لم يخرج ) لمعنى خرج سنبله أو لم يخرج سنبله ، فعلى هذا في بطلان البيع قولان ، ومن أصحابنا من قال : يكون باطلا قولا واحدا ، وإن كان الزرع بقلا أو فصيلا فبيعه مفردا يجوز بشرط القطع ومع الأرض من غير اشتراط القطع لأنه يصير تبعا لغيره كما يجوز بيع الثمرة على رءوس نخلها قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع ، وإن كان الزرع سنبلا مشتدا فلا يخلو من أحد أمرين :
إما أن يكون حبه بارزا لا كمام عليه كالشعير .
وإما أن يكون مستجنا بكمام كالحنطة ، فإن كان بارزا بغير كمام جاز بيعه مفردا وجاز بيعه مع الأرض ، وإن كان مستجنا بكمام ففي جواز بيعه مفردا قولان :
أحدهما : أن بيعه منفردا جائز ، فعلى هذا إذا بيع مع الأرض فأولى أن يكون جائزا .
والقول الثاني : أن بيعه منفردا باطل ، فعلى هذا في بيعه مع الأرض وجهان :
أحدهما : يجوز لكونه تبعا .
والثاني : لا يجوز لأنه مقصود ، وإن كان تبعا فعلى هذا يكون في بيع الأرض قولان من تفريق الصفقة ، ومن أصحابنا من أبطل بيع الأرض قولا واحدا .