مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : وأكره
المضبب بالفضة لئلا يكون شاربا على فضة .
وقال
الماوردي : وهذا صحيح ، اعلم أن المضبب بالفضة ضربان :
أحدهما : أن يكون التضبيب في جميع الإناء .
والثاني : أن يكون في بعضه ، فإن كان التضبيب في جميع الإناء حتى قد غطى جميعه وغشى سائره فاستعماله حرام كالمصمت من أواني الفضة والذهب .
وقال
أبو حنيفة : استعماله جائز : لأنه إناء جاورته فضة أو ذهب فجاز استعماله كما لو أخذ إناء بكفه وفيها خاتم .
[ ص: 79 ] قال : ولأن الفضة تابعة للإناء فأشبه الثوب المطرز ، وما كان سواه من حرير ولحمته قطن .
ودليلنا رواية
عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920612من شرب من إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم " وهذا نص ، ولأن غشاء الإناء من الذهب والفضة هو إناء من ذهب أو فضة جاوره غيره ، وأواني الذهب والفضة لا يحل استعمالها لمجاورة غيرها ، ولأن أواني الذهب والفضة إنما حرم استعمالها إما لما فيها من المباهاة والمفاخرة وإما لما فيها من انكسار قلوب الفقراء وإما لما فيها منه السرف ، وكل هذه المعاني موجودة في المضبب فوجب أن يكون محرما كتحريم المصمت .
وأما قوله : إنه إناء جاورته فضة أو ذهب فليس بصحيح ، وإنما هو إناء من فضة أو ذهب جاوره غيره على أنهما لو استويا لكان تغليب الحظر أولى .
وأما قوله : إن الفضة تابعة فصارت كالثوب المنسوج من حرير وغيره فغير مسلم ، لأنه ليس لأحد أن يجعل الفضة تابعة لغيرها في الإباحة ولا لغيره أن يجعل غير الفضة تابعة للفضة في التحريم ، ثم الفرق بين الثوب المنسوج من الحرير وغيره وبين الإناء من الفضة أو الحرير مباح لجنس من الناس وهو النساء ، فجاز أن يعفى عن يسيره مع غيره ، وأواني الذهب والفضة لم يأت الشرع بإباحته لأحد فلم يعف عنه مع غيره .