الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما حلول الدين المؤجل بحدوث الفلس فعلى قولين :

أحدهما : أنه يحل بالفلس كما يحل بالموت وهو مذهب مالك ، وهذا على القول الذي يجري حجر الفلس مجرى حجر المرض ، لأن المفلس ينتقل ماله بالفلس إلى غرمائه كما ينتقل مال المريض بالموت إلى ورثته ، فلما كان الموت يوجب حلول الأجل وجب أن يكون الفلس بمثابته يوجب حلول المؤجل ، ويلخص هذا الثلث أن خراب الذمة يوجب التسوية بين الديون الحالة والمؤجلة كالموت .

والقول الثاني : أنها على آجالها - لا تحل بالفلس - وهو مذهب المزني ، وهذا على القول الذي يجري منها حجر المفلس مجرى حجر السفيه ، لأن ديون السفيه لا تحل لبقاء ملكه وجواز استفادته ، فكذلك المفلس لما كان ممن يملك ويجوز أن يحدث له ملك ويبقى له ذمة لم تحل ديونه ، وخالف الميت الذي لا يبقى له ملك ولا يجوز أن يحدث له ملك ولم يبق له ذمة حيث حلت ديونه ، ولأن الحجر على المفلس إنما كان بالديون الحالة دون المؤجلة بدليل أنه لو كانت ديونه مؤجلة لم يجز الحجر عليه بها ، والمفلس إنما يجب صرف ماله فيمن كان الحجر عليه من أجله بدليل أن من حدث دينه بعد الحجر لم يكن مشاركا في ماله الذي وقع عليه الحجر ، فكذلك أرباب الديون المؤجلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية