مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو بيعت داره بألف وقبض أمين القاضي الثمن فهلك من يده واستحقت الدار فلا عهدة على الغريم الذي بيعت له وأحق الناس بالعهدة المبيع عليه ، فإن وجد له مال بيع ثم رد على المشتري ماله لأنه مأخوذ منه ببيع ولم يسلم له ، فإن لم يوجد له شيء فلا ضمان على القاضي ولا أمينه ويقال للمشتري : أنت غريم المفلس أو الميت كغرمائه سواء " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال :
إذا بيعت دار المفلس عليه واستحقت الدار من يد المشتري استحق الرجوع بثمنها ، فإن كان الثمن موجودا رجع به المشتري ، وكذا لو اقتسمه الغرماء رجع به عليهم ، فأما إن كان الثمن قد تلف من يد الأمين فالذي رواه
المزني أن المشتري يقدم بالثمن من مال المفلس على جميع الغرماء .
وروى
الربيع وحرملة أن المشتري يكون في الرجوع بالثمن أسوة الغرماء ولا يتقدم به عليهم .
واختلف أصحابنا
[ ص: 331 ] فذهب بعضهم إلى أن المسألة على قولين لاختلاف الروايتين .
أحدهما : أن المشتري يتقدم بالثمن على جميع الغرماء ، وهو الذي رواه
المزني ، ووجهه أن المشتري لم يرض بذمة المفلس أن يكون حقه ثابتا فيها ، إلا أن يتعجل مالا يصير حقه متعلقا بها أجور الباعة وأكرية الخانات .
والقول الثاني : أن المشتري يكون أسوة الغرماء بالثمن ، وهو الذي رواه
الربيع وحرملة ، ووجهه : أنه حق ثبت في ذمة المفلس فساوى الغرماء فيه لاستوائهم في محل الحق ، وليس ثبوت ذلك بغير اختياره يوجب تقديمه على غيره ، ألا ترى أن
المفلس لو غصب مالا فأتلفه كان المغصوب منه أسوة الغرماء بقيمته ، وإن كان ثبوت ذلك بغير اختياره وخالف أجور الباعة وسائر المؤن التي هي مصلحة لماله لا يستغني المفلس عنها .
ومن أصحابنا من حمل اختلاف الروايتين على اختلاف حالين ، فجعل رواية
المزني في تقديم المشتري على الغرماء أن يكون حدوث الاستحقاق قبل فك الحجر عنه ، ورواية
الربيع وحرملة في مشاركة المشتري للغرماء إذا كان حدوث الاستحقاق بعد فك الحجر عنه ، فإذا أحدث له حجرا ثانيا كان المشتري وجميع الغرماء أسوة فيما بيده .