فصل : وأما
نفقته في مدة حبسه ففي ماله دون غرمائه ، وذهب قوم إلى وجوبها على غرمائه الحابسين له ، وحكي نحوه عن بعض أصحابنا ، وهذا مذهب مطروح وقول مردود : لأنه حبس لغرمائه ليتوصلوا إلى حقوقهم بحبسه ، فلو لزمتهم نفقته لأضر الحبس بهم دونه ، ولارتفق به دونهم ، فتبطل فائدة الحبس والتوصل إلى الحق ،
فإن كان ذا صنعة فعملها في حبسه ففي منعه منها وجهان :
أحدهما : يمنع ، لأن في تركه وعمله تأخير أمره ويطاول حبسه اتكالا على عمله .
والوجه الثاني وهو الصحيح : أنه لا يمنع من العمل لأنه كسب يفضي إلى قضاء الدين ، ولا يلزم
إخراجه إلى الجمع والجماعات ، ولا يكون عاصيا بتأخره عنها إذا كان معسرا ، ولا يلزمه الاستئذان في الخروج إلى الجمعة إذا علم بشاهد الحال وغالب العادة أنه لو استأذن لم يؤذن له ، وأوجب عليه بعض الفقهاء استئذان المانع في كل جمعة ، فإن منعه امتنع ، لأن
ابن سيرين حبس في ثمن زيت كان عليه ، فكان يغتسل في كل جمعة ويلبس ثيابه ويستأذن ، فإذا منعه السجان رجع ، ولو استأذن صاحب الدين كان حسنا ، وأما إذن السجان فلا يؤثر ، ولو تمكن من الخروج إلى الجمعة لم يتأخر .