مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ومتى
أطلق عنه الحجر ثم عاد إلى حال الحجر حجر عليه ، ومتى
رجع بعد الحجر إلى حال الإطلاق أطلق عنه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، إذا حجر الحاكم على رجل بالسفه ثم ظهر رشده وجب على الحاكم أن يفك حجره ، وفي هذا
الرشد الذي يوجب فك حجره وجهان :
أحدهما : الصلاح في الدين والإصلاح في المال ، وهذا قول
أبي العباس بن سريج ، فإن وجد منه الصلاح في الدين ولم يوجد الصلاح في المال ، أو وجد منه الإصلاح في المال ولم يوجد منه الإصلاح في الدين وجب استدامة الحجر عليه .
والوجه الثاني : أنه الإصلاح في المال وحده وهو قول
أبي إسحاق المروزي .
[ ص: 363 ] فإذا ظهر رشده على ما ذكرنا من الوجهين لم ينفك الحجر عنه إلا بحكم الحاكم ، لأن ما يوجب زوال الحجر يفتقر إلى اجتهاد ، بخلاف الجنون الذي الإفاقة منه ظاهرة ولا يفتقر إلى اجتهاد .
ويرتفع الحجر بوجود الإفاقة من غير حكم ، وسواء كانت الولاية على السفيه مردودة إلى أبيه أو غيره ، بخلاف الصغير لأن ابتداء الحجر على السفيه لا يثبت إلا بحكم حاكم فلم يرتفع إلا بحكم حاكم ، وابتداء الحجر على الصغير يثبت بغير حكم حاكم فجاز أن يرتفع مع الأب بغير حكم ، فإذا فك الحاكم الحجر عنه بعودة إلى حال الرشد جاز تصرفه ، فلو عاد إلى حال التبذير والسفه وجب على الحاكم أن يعيد الحجر عليه .
فإن عاد إلى حال الرشد رفع الحجر عنه ، فعلى هذا يكون الحكم كلما عاد إلى السفه حجر عليه ، وإن عاد إلى الرشد فك الحجر عنه ، لأن كل علة أوجبت حكما اقتضى أن يكون زوال تلك العلة موجبا لزوال ذلك الحكم .