مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإذا جاوز الوقت فقد انقطع المسح فإن
توضأ ومسح وصلى بعد ذهاب وقت المسح أعاد غسل رجليه والصلاة " .
إذا انقضى المسح لم يجز أن يصلي بما تقدم من المسح شيئا ، ولا أن يستأنف بعده مسحا ، فإن كان عند تقضي زمان المسح في صلاة ، بطلت ، وإن لم يكن في صلاة لم يجز أن يستأنفها ، وقال
الحسن البصري : يجوز أن يصلي بعد تقضي زمان المسح ما شاء ما لم يحدث ، وقال
داود بن علي يجوز أن ينزع خفيه ، وأن يصلي ما لم يحدث ، ولا يجوز إن كان لابسهما أن يصلي شيئا ، واستدلا بأمرين :
أحدهما : أن الشرع يمنع من أن يكون مرور الزمان حدثا اعتبارا بسائر الطهارات .
والثاني : أن مسح الخفين بدلا من مسح الرجلين ، وحكم البدل حكم مبدله فلما لم يكن مرور الزمان مؤثرا في غسل الرجلين لم يكن مؤثرا في المسح على الخفين ، وهذا خطأ : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر زمان المسح ، ولا يخلو إما أن يجعله من الزمان حدا من أحد أمرين إما أن يكون حدا لفعل المسح أو حدا لاستدامة حكمه فلما لم يكن حدا لأمرين بأن يكون مرادا أولى من صاحبه فحمل عليها وجعل مأخذه من الزمان وقتا لفعل المسح ، وحكمه جميعا ، ولا يصح جمعهم بين المسح على الخفين ، وبين سائر الطهارات ، وكذلك غسل الرجلين : لأن المسح محدود الزمان فجاز أن يكون لمرور الزمان تأثير في نقضه ، وليس لسائر الطهارات زمان محدود فلم يؤثر مرور الزمان في نقضه .
فصل : فإذا ثبت أن تقضي زمان المسح بتقضي ظهور القدمين ، فلا يخلو حاله عند تقضيه من أن يكون على طهر أو حدث ، فإن كان محدثا توضأ وغسل رجليه ثم استأنف لبس خفيه والمسح عليهما إن شاء ، وإن كان متوضئا فعلى قولين :
أحدهما : يتوضأ .
والثاني : يغسل رجليه ، بناء على اختلاف قوليه فيمن نزع خفيه في زمان المسح على ما سنذكره والله أعلم .