مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو أن
رجلين ادعيا دارا في يدي رجل فقالا : ورثناها عن أبينا ، فأقر لأحدهما بنصفها فصالحه من ذلك الذي أقر له به على شيء كان لأخيه أن يدخل معه فيه ( قال
المزني ) قلت أنا : ينبغي في قياس قوله أن يبطل الصلح أقرب في حق أخيه لأنه صار لأخيه بإقراره قبل أن يصالح عليه ، إلا أن يكون صالح بأمره فيجوز عليه " .
قال
الماوردي : وصورتها في أخوين ادعيا دارا في يد رجل ميراثا عن أبيهما أو نسبا ذلك إلى جهة يستويان فيها غير الميراث ، كقولهما ابتعناها من زيد أو استوهبناها من عمرو
[ ص: 378 ] فيكون حكم هذا وحكم الميراث سواء ، لأنهما نسبا ذلك إلى جهة واحدة يستويان فيها .
وإذا كان كذلك فلصاحب اليد ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يصدقهما ويقر لهما ، فيلزمه بإقراره تسليم الدار إليهما .
والحال الثانية : أن يكذبهما وينكرهما فالقول قوله مع يمينه ما لم يكن للأخوين بينة .
فإن نكل عن اليمين ردت على الأخوين ، فإن حلفا كانت الدار بينهما نصفين ، وإن نكلا أقرت الدار في يد المدعى عليه .
وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان نصف الدار للحالف بيمينه لا يشاركه أخوه في شيء منها والنصف الآخر مقر في يد المدعى عليه .
والحال الثالثة : أن يصدق أحدهما على نصفها ويكذب الآخر ، فعليه اليمين لمن أنكره وينزع النصف الذي أقر به فيكون بين المقر له وبين أخيه نصفين .
وإنما كان كذلك لأنهما نسبا دعواهما إلى جهة يستويان فيها ويشتركان فيما ملكاه بها ، وكان إنكاره النصف لأحدهما يجري مجرى غصبه شيئا من تركة أبيهما .
ولو غصب من تركة أبيهما قبل القسمة واحدا من عبدين أو دارا من دارين كانت الدار الباقية والعبد الباقي بينهما والمغصوب بينهما .
فإن قيل : أليس لو أنكرهما ونكل فحلف أحد الأخوين ونكل الآخر كان النصف للحالف لا يشاركه فيه الناكل ؟ ، قيل : نعم والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الناكل سقط حقه بنكوله ، إذ قد كان يمكنه أن يصل إليه بيمينه وليس كذلك في الإقرار .
والثاني : أنه قد تقرر في الأصول أن أحدا لا يستحق بيمين غيره شيئا وليس كذلك في الإقرار .