فصل : فأما إذا
كان متصلا ببناءيهما أو منفصلا عن بناءيهما فهما فيه سواء ويتحالفان عليه .
وهل يكون الحاكم مخيرا في الابتداء بإحلاف أيهما شاء أو يقرع بينهما ؟ على وجهين :
[ ص: 387 ] أحدهما : يكون مخيرا لاستوائهما .
والثاني : يقرع بينهما لانتفاء التهمة عنه .
وفي قدر ما يحلف كل واحد منهما عليه وجهان :
أحدهما وهو قول البغداديين : أنه يحلف على نصفه لأنه يحلف على ما يصير إليه بيمينه ، والذي يصير إلى كل واحد منهما النصف .
والوجه الثاني وهو قول جمهور أصحابنا : أنه يحلف على جميعه ؛ لأنه يحلف على ما يدعيه وهو يدعي جميعه .
ثم على كلا الوجهين لا بد أن يتضمن يمينه النفي والإثبات ، لأنه ينفي ملك غيره ويثبت ملك نفسه .
ولكن اختلف أصحابنا هل يحتاج إلى يمين واحدة للنفي والإثبات ، أو يحتاج إلى يمينين أحدهما للنفي والأخرى للإثبات على وجهين :
أحدهما : أنه يحلف يمينا واحدا تتضمن النفي والإثبات ؛ لأنه أفضل للقضاء وأثبت للحكم .
والوجه الثاني وهو قول
أبي العباس بن سريج وأبي علي بن خيران وطائفة : أنه يحلف يمينين أحدهما للنفي لأنه منكر بها ، والثانية للإثبات لأنه مدع بها .
فإذا ثبت ما وصفنا لم يخل حالهما من ثلاثة أحوال :
إما أن يحلفا معا ، فيجعل الحائط بينهما بأيمانهما .
أو ينكلا معا فيمنعان من التخاصم ولا يحكم لواحد منهما بملك شيء منه ، ويكون الحائط موقوفا على ما كان عليه من قبل .
أو يحلف أحدهما وينكل الآخر فيحكم به للحالف منهما دون الناكل .
وهكذا لو حلف أحدهما يمينين على أحد الوجهين وحلف الآخر يمينا واحدة حكم به للحالف بيمينين ، وكان الحالف يمينا بمثابة الناكل ، لأن يمينه لم تكمل ، فلو أقام الناكل بينة كان أحق ببينته من يمين صاحبه .