مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وقسمته بينهما إن شاءا ، إن كان عرضه ذراعا أعطيه شبرا في طول الجدار ، ثم قلت له : إن شئت أن تزيد من عرصة دارك أو بيتك شبرا آخر ليكون لك جدار خالص فذلك لك " .
[ ص: 396 ] قال
الماوردي : وهذا كما قال ، إذا
كان الحائط بين شريكين فطلب أحدهما القسمة وأراد إجبار شريكه عليها عند امتناعه منها لم يخل ذلك من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون بناء لا عرصة له .
والثاني : أن يكون عرصة لا بناء فيها .
والثالث : أن يكونا معا .
فإن كان الحائط بناء لا عرصة له لم يجز أن يقسم جبرا ؛ لأن البناء لا يعلم ما فيه ليتساويا في الاقتسام به إلا بعد هدمه ، وفي هدمه ضرر فلم يدخله إجبار ، فإن اصطلحا عليه جاز .
وإن كان ذلك عرصة لا بناء فيها دخلها الإجبار في القسمة ، فإن دعا الطالب إلى قسمه عرصة الحائط طولا أجيب إليها ، ومثاله أن يكون طول العرصة عشرة أذرع ، وعرضها ذراع ، فيدعوا إلى قسمة الطول ليكون خمسة أذرع من العشرة في عرض ذراع ، فهذا جائز ؛ لأن أي النصفين حصل له بالقرعة نفعه ، فإن دعى إلى القسمة عرضا ليكون له شبرا من العرض في الطول كله ففي جواز الجبر عليها وجهان :
أحدهما وهو قول
أبي إسحاق المروزي : أنه لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها : لأن قسمة الإجبار ما دخلتها القرعة ، ودخول القرعة في هذه القسمة مضر : لأنه قد يحصل لكل منهما بالقرعة ما يلي صاحبه ، فلا ينتفع واحد منهما بشيء مما صار إليه ، وعادت بالضرر عليه ، والقسمة إذا عادت بضرر الشريكين لم يدخلها الإجبار .
والوجه الثاني وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة : أنه يجاب إليها ، ويقسم عرض العرصة بينهما ، ويدفع إلى كل واحد منهما النصف الذي يليه بغير قرعة ، لأن القرعة تدخل في القسمة لتمييز ما اشتبه الانتفاع به ، والأنفع لكل واحد منهما أن يأخذ ما يليه ، فلم يكن لدخول القرعة وجه ، قال
الشافعي : ثم قلت له : إن شئت أن تزيد من عرصة دارك أو بيتك شبرا آخر ليكون لك جدارا خالصا فذلك لك .
وهذا لم يقله مشورة كما عابه من جهل معنى كلامه ، وإنما قاله ليبين أن كل واحد منهما قد ينتفع بما صار له .
ثم ذكر وجه المنفعة ، بأن يضم إلى العرصة شبرا ليصير جدارا كاملا .