فصل : فإن
كان الحائط بناء وعرصة نظر في طالب القسمة ، فإن دعى إليها عرضا
[ ص: 397 ] ليكون له شبر من عرض البناء والعرصة من الطول كله لم يجب إليها جبرا ، ولا يصح ذلك بينهما تراضيا واختيارا ، وإنما كان كذلك لأن ما يصير إلى كل واحد منهما من نصف العرض مضر به وبصاحبه ، لأنه إن أراد هدمه لم يقدر عليه إلا بهدم ما لشريكه أو شيء منه ، وإن أراد وضع شيء عليه وقع الثقل على ما لشريكه فأضر به .
فإن قيل : فهلا جاز ذلك بتراضيهما ؟ قيل : إن تراضيا بهدمه في الحال والاقتسام بآلته جاز .
وإن تراضيا بقسمته بناء قائما ، وتحديد ما لكل واحد منهما متصلا لم يجز ، وإن لما ذكرنا من دخول الضرر فيما بعد .
وإن كان الطالب يدعو إلى قسمته طولا ليكون لكل واحد منهما نصفه طولا في العرض كله جازت بالتراضي .
وفي جواز الإجبار عليها وجهان :
أحدهما وهو ظاهر قول
أبي إسحاق المروزي : لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها ؛ لأنه قد لا يقدر على هدم النصف الذي صار له إلا بهدم شيء من نصف صاحبه فصارت ضررا عليهما .
والوجه الثاني وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة : يجبره على هذه القسمة بالقرعة ، لأن الضرر على كل واحد منهما في هدم حصته يسير فلم يمنع من القسمة : ولأنه قد يمكن وله إزالة الضرر بقطع الحائط بينهما بالمنشار فلا ينهدم من حصة الآخر شيء .