الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان البيت السفل في يدي رجل والعلو في يدي آخر فتداعيا سقفه فهو بينهما نصفين ؛ لأن سقف السفل تاج له وسطح العلو أرض له " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان بيت سفله لرجل وعلوه لآخر ، فاختلفا في السقف الذي بينهما وتداعياه ، فمذهب الشافعي رحمه الله أنهما يتحالفان ويكون بينهما نصفان .

وحكي عن مالك أنه يكون لصاحب العلو : لأنه لا يقدر على التصرف في العلو إلا به .

وحكي عن أبي حنيفة أنه يكون لصاحب السفل : لأنه موضوع على ملكه كالجدار المبني في أرضه .

وكلا المذهبين غلط ، وكون السقف بينهما أصح لتساوي أيديهما عليه وتصرفهما فيه ، [ ص: 399 ] فهو لصاحب السفل سقف ومرفق ، ولصاحب العلو أرض ومقعد ، ولأنه متصل بمالهما ومجاور لملكيهما فوجب أن يستويا فيه كالحائط إذا كان بين داريهما .

فإذا ثبت أنه يكون بينهما ، فلصاحب العلو أن يتصرف فيه كما كان يتصرف من قبل بالجلوس عليه ، وإحراز المتاع المعتاد فيه من غير تجاوز ولا تعد ، كالحائط إذا اختلفا فيه وكانت عليه جذوع لأحدهما جعل بينهما وأقرت الأجذاع على حالها .

وأما صاحب السفل فارتفاقه به أن يكون مستظلا به من غير أن يتجاوز ذلك إلى تعليق شيء عليه ، لأن السقف لم يوضع غالبا إلا للاستظلال .

ولا وجه لما أجازه بعض أصحابنا من تعليق زنبيل عليه ووضع خطاف فيه ، لأن إيتاد الوتد في الحائط المشترك أسبل وهو ممنوع منه ، كما ذكرنا في السقف أولى أن يكون ممنوعا منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية