فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من القولين فإن قلنا بإجباره على العمارة على قوله في
[ ص: 402 ] القديم ، فإن كان موسرا أخذ بالعمارة في الحال ، فإن
كان في حائط مشترك كانت النفقة بينهما على قدر الملكين ، وإن
كان في سفل وعلو اختص صاحب السفل بعمارة سفله وانفرد صاحب العلو بعمارة علوه ، واشتركا في السقف الذي بينهما .
وإن
كان الممتنع معسرا قيل للطالب الداعي إلى العمارة صاحبك معسر وأنت بالخيار بين أن تعمر جميعه بمالك وترجع على صاحبك إذا أيسر بقدر حصته أو تكف .
فإن
بادر الطالب بعمارة ذلك من غير استئذان حاكم نظر ، فإن كان الممتنع موسرا لم يكن له الرجوع عليه بشيء وصار متطوعا بالنفقة ، وإن كان معسرا ففي رجوعه وجهان :
أحدهما : يرجع عليه بالنفقة إذا أيسر بها ؛ لأنها مستحقة شرعا وإن لم يؤذن فيها حكما .
والوجه الثاني وهو أظهر : لا رجوع له بها للاختلاف فيها ، فلم يستقر وجوبها إلا بحكم .
فعلى الوجه الأول ليس للثاني أن يمنع شريكه من بيع حصته والانتفاع بها إلا بعد أخذ نفقته فيصير كالمرهون بها وهو قول
أبي حامد المروروذي .
وعلى الوجه الثاني ليس له منعه من البيع والانتفاع به : لأنه لا رجوع له بسببها وهو قول الجمهور .
وإذا قلنا بقوله في الجديد أنه لا إجبار في العمارة تركا ومنعا من المخاصمة ، وقيل لطالبها إن شئت أن تعمر متطوعا لتصل إلى حقك لم تمنع ، ولا رجوع لك بشيء من نفقتك ، ولا لك منع صاحبك من بيع حصته والانتفاع بها .