مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه في كتاب الدعوى والبينات على كتاب اختلاف
أبي حنيفة : " فإذا
أفاد صاحب السفل مالا أخذ منه قيمة ما أنفق في السفل ( قال
المزني ) قلت أنا : الأول أولى بقوله لأن الثاني متطوع فليس له أخذه من غيره إلا أن يراضيه عليه " .
قال
الماوردي : أما كتاب الدعوى على كتاب
أبي حنيفة فمن كتب
الشافعي في الجديد .
فاختلف أصحابنا فيما قاله فيه ، فذهب
المزني وابن أبي هريرة إلى أنه أجبر فيه على البناء والمحافرة كما أجبر عليه في القديم .
فصار قوله في القديم وأحد قوليه في الجديد وجوب المباناة والمحافرة .
فإن أعسر بها الممتنع وأنفق الطالب رجع عليه عند يساره بما أنفق إذا كان قد أنفق بحكم حاكم .
وإن كان بغير حكم حاكم فعلى ما ذكرنا من الوجهين .
وذهب سائر أصحابنا إلى أنه لم يرد بذلك الإجبار على المباناة والمحافرة ، وإنما هو محمول على قوله في الجديد مع سقوط الإجبار في ذلك على أحد أمرين :
إما أن يكون
صاحب السفل قد أذن لصاحب العلو أن يبني ليرجع عليه بما أنفق ، فلصاحب العلو أن يرجع عليه عند يساره بما أنفق : لأنه أنفق بإذنه ونائبا عنه ، أو يكون
صاحب العلو والسفل اتفقا على الهدم ليبنيا ذلك من بعد ، فإذا هدماه أجبر صاحب السفل على البناء قولا واحدا نص عليه في الأم .
ومن أصحابنا من كان يخرج الإجبار في هذا على قولين كالذي مضى ، وليس بصحيح ، بل يجبر على ذلك في القولين معا ؛ لأنهما لما اصطلحا على الهدم والبناء صار البناء مضمونا عليه بالشرط الذي التزمه فوجب أن يجبر عليه ليفي بشرطه .
فلو
أعسر بالبناء ، كان لصاحب العلو أن يبني ليرجع على صاحب السفل بما أنفق في بناء السفل فيكون الذي نص عليه في كتاب الدعوى على
أبي حنيفة هو ما ذكرنا .