مسألة : ( قال
المزني ) : " ولو
قال المحتال أحلتني عليه لأقبضه لك ولم تحلني بمالي عليك فالقول قوله مع يمينه والمحيل مدع للبراءة مما عليه فعليه البينة .
قال
الماوردي : وصورتها بعكس المسألة التي تقدمتها وهو أنهما
اختلفا بعد الحوالة المطلقة فقال المحيل أحلتك بمالك علي ، وقال المحتال بل أحلتني لأقبضه لك نيابة عنك وحقي باق في ذمتك ، فعلى مذهب
المزني : القول قول المحتال ؛ لأن المحيل مدع للبراءة من حقه فكان القول قول المحتال ، وعلى مذهب
ابن سريج القول قول المحيل اعتبارا بظاهر اللفظ ، فإذا تقرر ما ذكرنا من المذهبين ، فإذا قيل بمذهب
المزني إن القول قول المحتال لا يخلو حال الحوالة من أن تكون قد قبضت أو لم تقبض ، فإن لم يكن المحتال قبضها لم يجز أن يقبضها من بعد ،
[ ص: 428 ] ورجع بحقه على المحيل ، وهل للمحيل أن يرجع بها على المحال عليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يرجع عليه بها لأنه بادعاء الحوالة معترف بها للمحتال ، فلم يجز أن يرجع بحق قد اعترف به لغيره .
والوجه الثاني : يرجع بها على المحتال عليه ؛ لأن اعترافه بها للمحتال مشروط بسقوط حقه من ذمته فلما لم يسقط من ذمته كان مال الحوالة باقيا على ملكه فيرجع به ، وإن كان المحتال قد قبض الحوالة فلا يخلو من أن تكون باقية ، أو تالفة ، فإن كانت باقية فهي في الحكم على ملك المحيل ، ويقال للمحتال استوف حقك منها ؛ لأن ادعاء المحيل أنه أحاله بها من حقه إذن منه بقبضها من حقه .
وإن كانت تالفة كان تلفها من مال المحيل ، وحق المحتال باق في ذمة المحيل ، وليس للمحيل أن يرجع بالحوالة على المحال عليه : لأنه دفعها بإذنه .
وإذا قيل بمذهب
ابن سريج ، إن القول قول المحيل نظر : فإن لم يكن قبض الحوالة فله أن يقبضها الآن ، ولا يكون إنكاره لها من قبل بمانع لقبضها من بعد ، ويصير كالمبتدئ لها بعد الخلاف .
وإن كان قد قبضها فقد استقرت وبرئ المحيل منها ، سواء كانت باقية في يده أو تالفة .