فصل : وإذا كان العبد مأذونا له في التجارة فلا يخلو أن يضمن في ذمته أو في مال التجارة فإن ضمن في ذمته كان على ما مضى إن كان بإذن السيد صح ، وإن كان بغير إذنه فعلى وجهين :
وإن ضمن في مال التجارة فلا يخلو أن يكون بإذن السيد أو بغير إذنه فإن كان بغير إذنه فضمانه باطل لا يختلف ؛ لأن ما بيده مرصد للربح والزيادة وهذا استهلاك .
وإن
ضمن في مال التجارة بإذن سيده فلا يخلو أن يكون عليه دين فيما بيده أو لا دين عليه فإن لم يكن عليه دين صح ضمانه ، ويؤدي ما بيده فيه إن وفى بضمانه ، وإلا كان الباقي منه في المستقبل من كسبه ، فإن لم يكتسب حتى عتق أداه بعد عتقه .
فإن قيل فالحر إن ضمن مالا عينه بيده ما حكمه ؟ قلنا يكون الضمان باطلا لأن الضمان
[ ص: 458 ] من شرط صحته أن يكون ثابتا في محل يؤمن تلفه ، والفرق بينه وبين العبد أن التعيين فيما بيد العبد إنما يصرف إلى الأداء دون الضمان : لأن الضمان متعلق بذمته فصح والتعيين في الحر انصرف إلى الضمان فبطل .
وإن كان على العبد دين فيما بيده من مال التجارة فهل يصير العبد محجورا عليه في المال الذي بيده لأجل ديونه أم لا ؟ على قولين حكاهما
ابن سريج :
أحدهما : لا حجر عليه فيما بيده إلا لسيده لكون ذلك على ملكه وهو في حق من سوى السيد كالحر يجوز تصرفه ما لم يحجر عليه بالفلس فعلى هذا يصح ضمانه ولو كان السيد أذن له في هبة المال صحت هبته ؛ لأن إذن السيد يدفع حجره وليس عليه لمن سواه حجر .
والقول الثاني : أن العبد محجور عليه فيما بيده بدين غرمائه كما كان محجورا عليه في حق سيده لأن العبد يعامل بما في يده لضعف ذمته بخلاف الحجر ، وليس له أن يفعل ما يدخل الضرر على غرمائه بهبة ولا غيرها ، وإن كان عن إذن سيده فعلى هذا في ضمانه وجهان :
أحدهما : باطل لأنه صرفه إلى جهة لم يثبت فيها .
والوجه الثاني : أن ضمانه جائز لأن الضمان لا يتعين في المال وإنما يتعين فيه الأداء فعلى هذا فيه وجهان :
أحدهما : أنه يكون فيما اكتسبه بعد الضمان ، وفيما فضل بعد ذلك من المال الذي كان بيده قبل الضمان .
والوجه الثاني : أن يكون في ذمته يؤديه بعد عتقه .