مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجوز ضمان من لم يبلغ ولا مجنون ولا مبرسم يهذي ولا مغمى عليه ولا أخرس لا يعقل ، وإن كان يعقل الإشارة والكتاب فضمن لزمه " .
[ ص: 461 ] قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
ضمان الصبي والمجنون لا يصح لارتفاع القلم عنهما وكذلك
المبرسم والمغمى عليه لا يصح ضمانهما لزوال عقلهما ، فإن قيل فلم قال
المزني " ولا مبرسم يهذي " ؟ أيكون الهذيان شرط في بطلان ضمانه ؟ قلنا لا اعتبار بالهذيان فمتى كان المبرسم ذابل العقل بطل ضمانه وسائر عقوده سواء كان يهذي أم لا ، ولأصحابنا عن قوله يهذي جوابان :
أحدهما : أنها زيادة ذكرها
المزني لغوا .
والجواب الثاني : أن لها فائدة ، وذلك أن المبرسم يهذي في أول برسامه مع قوة جسمه فإذا تطاول به أضعف جسمه فلم يهذ ، فأبطل ضمانه في الحال التي يهذي فيها لينبه على بطلان ضمانه في الحالة التي هي أغلظ منها وهي الحالة التي لا يهذي فيها .
فأما
الأخرس فإن كان لا يعقل الإشارة بطل ضمانه وسائر عقوده ، وإن كان يعقل الإشارة والكتابة فضمن بكتابته وإشارته صح وكذلك سائر عقوده ، وإن ضمن بإشارته دون كتابته صح ضمانه لأن الإشارة أقيمت فيه مقام نطقه .
وإن ضمن بكتابته دون إشارته لم يصح ضمانه لأن مجرد الكتابة لم يقم فيه مقام النطق لاحتمالها حتى تنضم إليه الإشارة فيزول إليه احتمالها والله أعلم .