مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : ولو كان الشريك الذي باع هو الذي أقر بأن شريكه الذي لم يبع قبض من المشتري جميع الثمن وأنكر ذلك الذي لم يبع وادعى ذلك المشتري فإن المشتري يبرأ من نصف الثمن بإقرار البائع أن شريكه قد قبض لأنه في ذلك أمين ويرجع البائع على المشتري بالنصف الباقي فيشاركه فيه صاحبه لأنه لا يصدق على حصة من الشركة تسلم إليه إنما يصدق في أن لا يضمن شيئا لصاحبه ، فأما أن يكون في يديه بعض مال بينهما فيدعي على شريكه مقاسمة يملك بها هذا البعض خاصة فلا يجوز ويحلف لشريكه فإن نكل حلف شريكه واستحق دعواه " .
[ ص: 491 ] قال
الماوردي : وصورتها كالمسألة الأولى في
العبد المشترك إذا باعه أحد الشريكين بإذن صاحبه إلا أن المشتري في هذه المسألة يدعي تسليم الثمن إلى الشريك الذي لم يبع ويصدقه عليه الشريك الذي باع وينكر من لم يبع ، هل يكون مأذونا له إذن أحد الشريكين لصاحبه أم لا ؟ فإن كان مأذونا له إذن كل واحد منهما لصاحبه فالجواب فيه ما مضى في المسألة الأولى من براءة المشتري من نصف الثمن بتصديق البائع أن شريكه النائب عنه قبض الثمن منه ويكون القول قول من لم يبع مع يمينه بالله أنه ما قبض وله الرجوع على المشتري بحصته على ما وصفنا من قبل سواء .
وإن كان غير مأذون له في القبض فالقول قوله مع يمينه بالله أنه لم يقبض ثم لا يبرأ المشتري من شيء لأن البائع وإن صدقه على تسليم حقه إلى شريكه فقد سلمه إلى غير مستحقه ثم قد بطلت وكالة البائع في حق الذي لم يبع لأن إقراره عليه بالقبض يتضمن إبطال وكالته فيه وعلى المشتري أن يسوق إليهما ألفا ، خمسمائة إلى البائع وخمسمائة إلى الذي لم يبع ، فإن ابتدأ ودفع إلى الذي لم يبع خمسمائة لم يكن للبائع أن يشاركه فيها لأنه يقر بأن المشتري مظلوم بها ، وإن بدأ المشتري ودفع إلى البائع خمسمائة كان للذي لم يبع أن يشاركه فيها إن شاء وله أن لا يشاركه فيها ويرجع على المشتري بكل حصته إن شاء فإن أحب أن يرجع على المشتري كان له ذلك ، ويكون المشتري دافعا الألف ، خمسمائة منها إلى البائع وخمسمائة إلى الذي لم يبع ، وإن أحب أن يشاركه البائع فيما أخذ فذلك له لأن المال مشترك لم يقتسما عليه والبائع غير مصدق على شريكه في إبطال الشركة فيه ، فإذا أخذ من البائع نصف ما أخذه وذلك مائتان وخمسون فله أن يستوفي من المشتري تمام حقه وذلك مائتان وخمسون تمام خمسمائة وليس للبائع بعد رجوع شريكه عليه بنصف ما أخذه أن يرجع على المشتري به لأنه مقر باستيفاء ما عليه ، وإن لم يأخذ منه بعد ذلك بحكم ، فيصير المشتري غارما لسبعمائة وخمسين منها خمسمائة دفعها إلى البائع فشاركه فيها الذي لم يبع ، ومائتان وخمسون دفعها إلى الذي لم يبع ، فلو أراد المشتري أن يستشهد بالبائع على الذي لم يبع كانت شهادته مردودة عليه لأنه فيها متهم بما يدفع عن نفسه من رجوع شريكه عليه بما يأخذه .