مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : "
فللناس أن يوكلوا في أموالهم وطلب حقوقهم وخصوماتهم ويوصوا بتركاتهم " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
وجملة الوكالة أنها لا تتم إلا بثلاثة أشياء :
بموكل ، ووكيل ، وموكل فيه .
فبدأ
المزني بما يصح فيه التوكل ، فيبدأ بتفضيله ، ثم يذكر الفصلين الآخرين بعده ، حيث ذكر .
[ ص: 496 ] وجملة الأعمال أنها تنقسم أربعة أقسام :
قسم يجوز فيه التوكيل مع العجز والقدرة .
وقسم لا يجوز التوكيل فيه مع العجز والقدرة .
وقسم يجوز التوكيل فيه مع العجز ولا يجوز مع القدرة .
وقسم لا يجوز التوكيل فيه مع القدرة ، واختلفوا في جواز التوكيل فيه مع العجز .
فأما القسم الأول ، وهو
ما يجوز التوكيل فيه مع القدرة والعجز فهو ما كان من حقوق الأموال ، أو ما يجري مجرى الأموال .
فأما حقوق الأموال فمنها ما كان من حقوق الله تعالى كالزكوات والكفارات يجوز التوكيل في إخراجها وتفرقتها .
ومنها ما كان من حقوق الآدميين فتارة تكون عقدا كالبيع والإجارة وتارة تكون نقدا كالقرض والحوالة وتارة يكون رفقا كالعارية والوديعة ، وتارة يكون تركا كالإبراء والمسامحة ، وتارة يكون أخذا كالقبض والمطالبة وتارة يكون فضلا كالشركة والمضاربة وتارة يكون عملا كالبناء والعمارة فحقوق الأموال تتنوع على هذه الأحوال السبع والتوكيل في جميعها جائز .
وأما ما يجري مجرى الأموال فتارة يكون عقدا كالنكاح والرجعة وتارة يكون حلا كالطلاق والعتق ، وتارة يكون استيثاقا كإثبات الحجج والبينات والدعاوى والمخاصمات فهذا كله يجوز فيه التوكيل إلا استيفاء الحدود وإثباتها على ما سيأتي بيانه .