فصل : والحال الثالثة : أن تكون
الوكالة مطلقة لا يأذن له ولا ينهاه عنه ، فمذهب
الشافعي أنه لا يجوز للوكيل أن يوكل .
وقال
أبو حنيفة : يجوز له أن يوكل لأمرين :
أحدهما : أنه لما أقامه فيه مقام نفسه جاز له التوكيل فيه كما يجوز لنفسه .
والثاني : أن المقصود بوكالته حصول العمل الذي وكل فيه فلا فرق بين أن يتولاه بنفسه
[ ص: 520 ] وبين أن يستعين فيه بغيره ، لحصول العمل في الحالين لموكله وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن فعل الوكيل مقتصر على ما تضمنه الإذن من غير مجاوزة في التوكيل .
والثاني : أن الموكل يسكن في عمله إلى أمانة وكيله فلم يجز أن يوكل من لم يسكن الموكل إلى أمانته كالوديعة التي لا يجوز للموكل أن يودعها عند غيره لأن المالك لم يرض إلا بأمانته .
فأما استدلاله بأن هذا أقامه مقام نفسه فلعمري أنه كذلك في فعل ما وكل فيه لا في غيره ، ألا ترى أنه لا يجوز أن يهب ولا يبرئ وإن كان للموكل أن يهب ويبرئ : لأنه لم يأذن له فيه فكذلك في التوكيل .
وأما الجواب عن قولهم بأن الغرض حصول العمل فهو كذلك ، لكن قد خصه وارتضى أمانته كمن استأجر أجيرا بعينه لعمل لم يكن له أن يستأجر غيره في عمله لأن قصد المستأجر إنما هو حصول العمل من جهة الأجير وفعله لا بفعل غيره كذلك هاهنا .