مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : " فإن طلب منه الثمن فمنعه منه فقد ضمنه إلا في حال لا يمكنه فيه دفعه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، إذا
حصل مع الوكيل ثمن ما باع لموكله فطلبه منه فمنعه ، فلا يخلو حال منعه من أحد أمرين :
إما أن يكون بعذر أو غير عذر ، فإن كان لعذر كحدوث مرض أو خوف يمنع من الوصول إلى موضع الثمن أو لحضور فرض من جمعة أو
[ ص: 523 ] مكتوبة قد ضاق وقتها ، أو لضياع مفتاح بديار غيره أو لملازمة غريم له إلى ما جرى مجرى ذلك ، فهذا عذر في تأخير الدفع ولا ضمان عليه إن تلف قبل الدفع .
وإن منعه لغير عذر صار ضامنا له فإن تلف كان عليه غرمه ، فلو منعه من دفعه حتى يشهد على نفسه بقبضه فقد اختلف أصحابنا هل له ذلك ويلزم الموكل الإشهاد على نفسه بالقبض أم لا ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو الصحيح أنه ليس له ذلك ، ولا يلزم الموكل الإشهاد على نفسه بالقبض لأن قول الوكيل مقبول في الدفع ، فعلى هذا يصير بالمنع ضامنا وعليه الغرم إن تلف .
والوجه الثاني : له الامتناع من الدفع إلا بالإشهاد ليسلم من اليمين مع الإكذاب فعلى هذا لا يصير بالمنع ضامنا ولا غرم عليه إن تلف .
والوجه الثالث وهو مذهب
مالك أنه إن قبض المال بالإشهاد لم يدفع إلا بالإشهاد ، وإن قبض بغير إشهاد لزمه الدفع بغير إشهاد .
فأما من كان غير مقبول القول في الدفع فلا يلزمه الدفع إلا بالإشهاد ، وسواء كان ضامنا كالغاصب والمستعير أو كان غير ضامن كالمرتهن .
فأما المضارب والأجير المشترك فإن قلنا بأحد الوجهين إن قوله في الدفع غير مقبول لم يلزمهم الدفع إلا بالإشهاد ، وإن قلنا بالصحيح من المذهب إن قولهم في الدفع مقبول ففي وجوب الإشهاد لهم ثلاثة أوجه على ما ذكرنا .