مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : " ولو قال وكلتك ببيع متاعي فبعته فقال ما لك عندي
[ ص: 525 ] شيء فأقام البينة عليه بذلك فقال صدقوا وقد دفعت إليه ثمنه فهو مصدق لأن من دفع شيئا إلى أهله فليس هو عنده ولم يكذب نفسه فهو على أصل أمانته وتصديقه " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا
ادعى عليه توكيله في متاع أقبضه إياه ليبيعه ، فقال الوكيل : ما لك عندي شيء أو ليس لك في يدي حق ، فهذا جواب مقنع في الدعوى ، والقول فيه قوله مع يمين لأنه منكر ، وكل من ادعى عليه مالا في يديه وذكر المدعي سبب استحقاقه كالوديعة والغصب ، فللمدعى عليه إذا كان منكرا أن يجيب بأحد جوابين :
إما أن يقول : ما أخذت منك هذه الوديعة ولا غصبتك هذا المال .
وإما أن يقول : ما لك قبلي حق .
فكلا الجوابين مقنع في إنكار الدعوى وعليه اليمين ، وصفة إحلافه مختلفة بحسب اختلاف الجواب :
فإن كان جوابه بأن قال ليس لك قبلي حق ، أحلف على ما أجاب بالله أن ما له قبله حق ، ولا يجوز للحاكم أن يحلفه ما أخذ وديعته أو ما غصبه : لأنه قد يجوز أن يكون قد ملكه عليه بعد الوديعة والغصب بهبة أو بيع استوفى ثمنه فلا يكون له قبله حق ويحنث إن حلف ما استودع ولا غصب .
وإن كان جوابه أن قال : ما غصبتك أو قال : ما أخذت وديعتك فقد اختلف أصحابنا في صفة إحلافه على وجهين :
أحدهما : أنه يحلف بالله ما له قبله حق احترازا مما ذكرنا .
والوجه الثاني : أن يحلف على ما أجاب بالله ما غصبه ولا أخذ وديعته لأن تركه الاحتراز في جوابه ينفي التوهم عنه فيما ذكرنا .