مسألة : قال
المزني رحمه الله : " ولو جعل للوكيل فيما وكله جعلا فقال للموكل : جعلي قبلك وقد دفعت إليك مالك فقال بل خنتني فالجعل مضمون لا تبرئه منه دعواه الخيانة عليه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، وقد ذكرنا أن
الوكالة تجوز بجعل وبغير جعل ولا يصح الجعل إلا أن يكون معلوما ، فلو
قال : قد وكلتك في بيع هذا الثوب على أن جعلك عشر ثمنه أو من كل مائة درهم في ثمنه درهم لم يصح للجهل بمبلغ الثمن وله أجرة مثله .
فلو
وكله في بيع ثوب بجعل معلوم فباعه بيعا فاسدا فلا جعل له لأن مطلق الإذن بالبيع يقتضي ما صح منه ، فصار الفاسد غير مأذون فيه فلم يستحق جعلا عليه .
[ ص: 530 ] فلو باعه بيعا صحيحا وقبض ثمنه وتلف الثمن في يده فله الأجرة لوجود العمل ، وهذا بخلاف
الصانع إذا استؤجر على خياطة ثوب أو قصارته فتلف في يده بعد عمله فلا أجرة له إن كان مشتركا .
والفرق بينهما أن المقصود من الأجير تسليمه العمل المستحق في مقابلة العوض فما لم يحصل التسليم لم يجب ما في مقابلته من العوض .
والمقصود من الوكيل وجود العمل المأذون فيه ، فلو
باع الوكيل الثوب فتلف الثوب في يده قبل تسليمه إلى مستحقه بطل البيع ولم يبطل جعل الوكيل ؛ لأن بطلانه بمعنى حادث بعد صحته فصار بالعمل موجودا منه وكان بخلاف وقوع البيع فاسدا .
فلو
سلم الثوب إلى مشتريه وقبض ثمنه فتلف في يده ثم استحق الثوب في يد المشتري كان البيع فاسدا وللوكيل جعله لأن بطلانه ليس من جهة الوكيل ، فصار مقصوده بالإذن مجرد العمل على وجه الصحة دون الصحة وقد وجد من الوكيل ذلك العمل .
أما رجوع المشتري بالثمن فإن لم يعلم بالوكالة فله الرجوع على الوكيل ، ويرجع الوكيل به على الموكل ، وإن علم بالوكالة ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي حامد المروزي ذكره في جامعه : أنه يرجع به على الموكل دون الوكيل : لأنه مبيع عليه كالمبيع على المفلس .
والوجه الثاني : أن له أن يرجع على من شاء من الموكل والوكيل لأن لكل واحد منهما في العقد تأثيرا .