[ ص: 378 ] باب حيض المرأة وطهرها واستحاضتها
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " قال الله تبارك وتعالى
فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ( قال
الشافعي ) " من المحيض
فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ( قال
الشافعي ) تطهرن بالماء " .
قال
الماوردي : اعلم أن
الحيض هو ما يرخيه الرحم من الدم إذا كان على وصف وقد ورد الشرع له بستة أسماء بعضها في اللسان مذكور وبعضها في اللغة مشهور .
أحدها : وهو أشهرها عند الخاص والعام الحيض ، وفي تكلف الشاهد عليه في شرع أو لغة عناء مستهجن وسمي حيضا لسيلانه من رحم المرأة ، مأخوذ من قوله : حاض السبيل ، وفاض إذا سال ومنه قول
عمارة بن عقيل :
أجالت حصاهن الدواري وحيضت عليهن حيضات السيول الطواحم
السيول الدواري التي تدير التراب ، وكذلك الذاريات ، والهواجم السيول العالية وحيضت أي سيلت ، وحيضات السيول ما سال منها فسمي به دم الحيض حيضا لسيلانه .
والثاني : الطمث ، والمرأة طامث ، قال
الفراء : الطمث الدم ، وكذلك قيل إذا افتض الرجل البكر قد طمثها أي أدماها قال الله تعالى :
فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان [ الرحمن : 56 ] .
وقال الشاعر وهو
الفرزدق :
دفعن إلي لم يطمثن قبلي وهن أصح من بيض النعام
والثالث : العرك ، والمرأة عارك والنساء عوارك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إذا عركت المرأة فلا يحل أن ينظر إلى شيء منها إلا إلى وجهها وكفيها ويروى إذا عاركت يعني : إذا حاضت مأخوذ من عراك الرجال وقال الشاعر :
أفي السلم أعيار أجفاء وغلظة وفي الحرب أشباه النساء العوارك
[ ص: 379 ] والرابع : الضحك والمرأة ضاحك قال الله تعالى :
وامرأته قائمة فضحكت وقال
مجاهد حاضت ، ومنه قول الشاعر :
وضحك الأرانب فوق الصفا كمثل دم الحرق يوم اللقا
والخامس : الإكبار ، والمرأة مكبر قال الله تعالى
فلما رأينه أكبرنه [ يوسف : 31 ] .
قال
ابن عباس معناه حضن عند رؤيته قال الشاعر :
نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
والسادس : الإعصار ، والمرأة معصر وقال الشاعر :
جارية قد أعصرت أو قد دنا إعصارها
ومنه اشتق للسحاب اسم الإعصار لخروج المطر منه كخروج الدم من الرحم قال الله تعالى :
وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا [ النبأ : 14 ] .
وقال
عمر بن أبي ربيعة :
فكان مجني دون من كنت أتقي ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
أي : حائض ، فالحيض في النساء خلقة فطرهن الله تعالى عليها وقد ذكر
الجاحظ في كتاب الحيوان أن الذي يحيض من الحيوان أربعة ؛ المرأة ، والضبع والأرنب والخفاش وحيض الضبع والأرنب مشهور في أشعار العرب قال الشاعر في حيض الضبع :
تضحك الضبع لقتلى هذيل وترى الذئب بها يستهل
يعني : تحيض .
فصل : وروى
يعلى بن مسلم عن
سعيد عن
ابن عباس قال لما أكل
آدم من الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها قال الله تعالى : يا
آدم ما حملك على ما صنعت قال : زينته لي
حواء قال : إني عاقبتها ألا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها ودميتها في الشهر مرتين ، قال : فرأيت
حواء عند ذلك فقال : عليك الرثة وعلى بناتك .