مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " وإذا
قال له علي ألف ودرهم ، ولم يسم الألف قيل له أعطه أي ألف شئت فلوسا ، أو غيرها واحلف أن الألف التي أقررت بها هي هذه وكذلك لو أقر بألف وعبد ، أو ألف ودار لم يجعل الألف الأول عبيدا أو دورا " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، ولهذه المسألة تفصيل وأحوال ثلاث ، فمنها حالتان متفق على حكمهما :
إحداهما : أن
يقول : له علي ألف درهم ودرهم فكل ذلك دراهم إجماعا ، ولا يسأل عن تفسير شيء منه ؛ لأنه قد فسر الألف قبل الدرهم .
والثانية : أن
يقول : له علي ألف وله علي درهم فيرجع إليه في تفسير الألف إجماعا لإبهامها ، ولا يكون الدرهم المعطوف عليها تفسيرا لها .
[ ص: 18 ] وأما الثالثة المختلف فيها : فهو أن
يقول : له علي ألف ودرهم . فمذهب
الشافعي أنه يرجع إليه في تفسير الألف لإبهامها ، ولا يكون العطف بالدرهم تفسيرا لها .
وقال
أبو حنيفة : يصير الألف بالدرهم المعطوف عليها دراهم كلها ، ولا يرجع إليه في تفسيرها ، استدلالا بأمرين :
أحدهما : أن حكم المعطوف عليه حكم العطف ، ألا تراه لو قال : رأينا زيدا وعمرا دل على رؤيته لعمرو لعطفه على زيد .
والثاني : أنه لما كان قوله : له علي ألف ومائة درهم تفسيرا للألف بالمائة المعطوفة عليها وجب أن يكون قوله ألفا ودرهم تفسيرا للألف بالدرهم المعطوف عليها ؛ لأن كل واحد منهما عدد مفسر معطوف على عدد مبهم .
ودليلنا هو أن العطف إذا لم يكن وصفا لم يكن بيانا ، كقوله : ألف وعبد لا يكون الألف كلها عبيدا ولأن العطف لو كان بيانا لاستحال أن يعاد معه المعطوف عليه ولما جاز أن يقول : مررت بألف رجل وصبي كما لا يصح أن يقول : مررت بألف رجل صبي ، ولوجب إذا قال : له علي ألف درهم ودينار ، أن يلزمه ألف دينار ودينار . لأنه قد جاء بما يوجب نعت الألف بالدنانير .
وفي القول بخلاف هذا دليل على فساد ما قالوه في العطف ، فأما قولهم : إن حكم المعطوف عليه ، حكم العطف استشهادا بقولهم رأيت زيدا وعمرا فخطأ . لأن حكم العطف مأخوذ من المعطوف عليه ؛ لأن رؤية عمرو معلومة برؤية زيد ، وهم جعلوا حكم الألف المعطوف عليها مأخوذا من العطف بعدها وهما ضدان .
وأما قوله : علي ألف ومائة درهم ففيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : أنه لا يكون تفسيرا للألف كالدرهم ، فعلى هذا سقط الاستدلال .
والثاني : أن يكون تفسيرا ، فعلى هذا الفرق بينهما أن الدرهم الزائد على الألف عدد زائد فلم يكن فيه تفسير للعدد الأول ، وهو إذا قال ألف ومائة فقد استكمل العدد ثم وصف ذلك بالدرهم تفسير بالاتفاق فلم يجز أن يرجع إلى بعض العدد دون بعض وصار راجعا إلى جميعه فافترقا .