مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " وإذا قال له علي ألف إلا درهما قيل له أقر له بأي ألف شئت إذا كان الدرهم مستثنى منها ويبقى بعده شيء قل أو كثر " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، لا يختلف أصحابنا أن
الاستثناء في الإقرار يصح من جنسه ، وغير جنسه . وإنما اختلفوا في غير الإقرار هل يصح الاستثناء فيه من غير جنسه أم لا ؟ على وجهين :
وقال
أبو حنيفة : لا يصح استثناء المكيل ، والموزون من غير جنسه ويصح استثناء ما ليس بمكيل ، ولا موزون من غير جنسه .
وقال
محمد بن الحسن وزفر بن هذيل : لا يصح الاستثناء من غير جنسه بحال ، لا في مكيل ، ولا موزون ، ولا غيره . استدلالا بأن في الاستثناء إسقاط بعض الجملة وبعضها يستحيل أن يكون من غير جنسها .
ودليلنا - قوله تعالى - :
فإنهم عدو لي إلا رب العالمين [ الشعراء : 77 ] وقال تعالى :
فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس [ الحجر : 30 - 31 ] وقال الشاعر :
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير ، وإلا العيس
[ ص: 20 ] ولأن الاستثناء إذا رجع إلى جملة صار المراد بها ما بقي بعد المستثنى منها فلم يقع الفرق بين أن يكون ما عدا المراد جنسا ، أو غير جنس .
فإن قيل : فلم جاز الاستثناء عندكم في الإقرار من غير جنس ، ولم تجوزه في غير الإقرار ؟
على أحد الوجهين : قيل : لأنه قد يصح أنه يوجد في الحقوق المقر بها من غير الجنس بدلا عنها ويبعد وجود مثله في غير الإقرار .