مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " وكذلك لو قال له علي ألف إلا كر حنطة ، أو إلا عبدا أجبرته على أن يبقى بعد الاستثناء شيئا قل ، أو كثر " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أن
كل استثناء عاد إلى جملة لم يخل حاله من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون الاستثناء مفسرا من جملة مفسرة كقوله له علي ألف درهم إلا دينارا فيصح ذلك ويكون المراد بالجملة ما يبقى بعد الاستثناء . وهكذا لو
قال : له علي ألف درهم إلا دينارا كان استثناء مفسرا صحيحا كجواز الاستثناء من غير الجنس ومن الجنس ويسقط من الألف درهم بقية الدينار المستثنى ويكون الباقي هو المقر به .
والقسم الثاني : أن يكون الاستثناء مجملا من مجمل ، كقوله علي ألف إلا شيئا ، فيبدأ بسؤاله عن الألف فإذا فسرها بمعلوم سئل عن الشيء فإذا فسره بمعلوم أسقط بالاستثناء وكان الباقي هو المقر به . وهكذا لو قال له : علي شيء إلا ألفا سئل عن الشيء المقر به ثم عن الألف المستثناة منها ، فإذا فسرهما بمعلوم لزم الباقي وهكذا لو قال له : علي ألف ثوب إلا عبدا ؛ لأن كل واحد منهما وإن كان معلوم الجنس فهو مجهول الصفة .
والقسم الثالث : أن يكون الاستثناء مفسرا من مجمل كقوله له : علي ألف إلا درهما ، ويسأل عن الألف المجملة دون الاستثناء المفسر ، وهكذا لو قال : ألف ثوب إلا دينارا ؛ لأن الألف الثوب وإن كانت مفسرة الجنس فهي مجملة الصفة فاحتيج إلى السؤال عنها ، وإن كانت سلما كان السؤال عن الصفة دون القيمة .
وإن كانت عقبا مستهلكا كان السؤال عن القيمة دون الصفة إلا أن يختلفا فيكون في الصفة دليل فيسأل عنها .
والقسم الرابع : أن يكون الاستثناء مجملا من مفسر كقوله : له علي ألف درهم إلا شيئا . فيسأل عن الاستثناء المجمل دون الألف المفسرة ، وهكذا لو قال : له علي ألف درهم إلا عبدا سئل عن العبد وقيمته ؛ لأنه وإن كان معلوم الجنس فهو مجهول الصفة .
[ ص: 25 ]