مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : "
ولو أقر في عبد في يده لفلان وأقر العبد لغيره فالقول قول الذي هو في يده " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : إذا حكم برق العبد في يد رجل ،
والحكم برقه يكون من ثلاثة أوجه : أحدها : البينة القائمة برقه من أحد وجهين :
إما بسبي فلا يقبل فيه إلا شاهدان .
وإما لولادته من أمته عن إصابة زوج ، أو سفاح فيقبل فيه أربع نسوة يشهدن بولادته .
والثاني : اليد وهو أن يلتقط صغيرا مجهول النسب فيدعيه الملتقط عبدا فيحكم له برقه فإذا تصرف فيه تصرف الاسترقاق في استخدامه ثم بلغ وأنكر الرق لم يؤثر إنكاره بعد الحكم برقه .
والثالث : الإقرار أن يدعي رقه بعد البلوغ فيصدق المدعي على استرقاقه فيصير عبدا بإقراره بشرطين :
أحدهما : أن يكون مجهول النسب فإن عرف له نسب يوجب الحرية لم يقبل إقراره .
[ ص: 49 ] والثاني : أن لا يتقدم منه إقرار بالحرية ، فإن كان قد أقر بها ثم أقر بعدها بالرق لم يقبل إقراره .
فإذا حكم برقه من أحد هذه الوجوه الثلاثة وكان في يدي سيده فأقر به السيد لزيد وأقر العبد بنفسه لعمرو فالقول قول السيد دون العبد ؛ لأن العبد مملوك لغيره فصار إقراره إقرارا في ملك غيره ونفذ فيه إقرار السيد لأجل يده ، وإذا كان القول فيه قول السيد نظر فيه فإن قبل زيد إقرار السيد حكم له برقه وكان عمرو إن ادعى رقه خصما لزيد فيه ، وإن لم يقبل زيد إقرار السيد ففيه قولان :
أحدهما : يصير حرا يرتفع رقه بإنكار من صار محكوما له بملكه .
والقول الثاني : أنه يكون على رقه ، ولا يصير حرا ؛ لأن جهالة الملك لا تزيل عن السبي حكم الملك .
فعلى هذا ، هل ترتفع عنه يد السيد أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يرتفع عنه لزوال ملكه بالإقرار ، فعلى هذا من سبق إلى ادعائه ملكا لم يمنع منه سواء سبق إلى الدعوى من اعترف له العبد بالملك وهو عمرو ، أو غيره .
والوجه الثاني : تقر يد السيد المقر عليه لعدم من هو أحق به ، ويستحق باليد دفع المدعي عنه إلا أن تقوم له بينة بملكه فإن صدقه ثانيا على ما ملكه لم يصر مالكا للعبد في إقراره ؛ لأنه بالإقرار الأول زال ملكه فلم ينفذ إقراره ولكن يلزمه بالإقرار الثاني رفع يده ، ولا يمنع الثاني منه وإن لم يحكم له بالملك لعدم المنازع له . والله أعلم .