مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : وإن قال هي من سكة كذا وكذا صدق مع يمينه كان أدنى الدراهم ، أو أوسطها جائزة بغير ذلك البلد ، أو غير جائزة كما لو قال : له علي ثوب . أعطاه أي ثوب أقر به وإن كان لا يلبسه أهل بلده ( قال
المزني ) رحمه الله في قوله
إذا [ ص: 54 ] قال : له علي دريهم ، أو دريهمات فهي وازنة قضاء على قوله وإذا قال له علي دراهم فهي وازنة ، ولا يشبه الثوب نقد البلد كما لو اشترى بدرهم سلعة جاز لمعرفتهما بنقد البلد وإن اشتراها بثوب لم يجز لجهلهما بالثوب " .
قال
الماوردي : اعلم أن
المقر بالدراهم يرجع إلى بيانه في صفتها وسكتها فإن قال : هي من دراهم
البصرة ، أو سكة
بغداد قبل منه سواء كان ما ذكره من غالب نقد البلد أو من غيره ، أعلى ، أو أدنى ، متصلا ، أو منفصلا .
وقال
المزني : يلزمه في إطلاق إقراره من غالب نقد البلد دون غيره فإن بين من غير نقد البلد لم أقبل منه إلا أن يكون أعلى استدلالا بأمرين :
أحدهما : أنه لما كان مطلق الدراهم وزنا يوجب حملها على دراهم الإسلام ، ولا يرجع إلى بيانه فيها وجب أن يكون مطلق الدراهم جنسا يوجب حملها على العرف من غالب نقد البلد ، ولا يرجع إلى بيانه فيه .
والثاني : أنه لما كان مطلق ذكرها في البيع يوجب حملها على دراهم البلد وجب أن يكون مطلق ذكرها في الإقرار يوجب حملها على دراهم البلد . وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه لما كان
الإقرار بالمطلق من الثياب وغيرها يقتضي الرجوع إلى بيانه ، ولا يحمل على ثياب بلده وجب أن يكون الإقرار بالمطلق من الدراهم يقتضي الرجوع إلى بيانه ، ولا يحمل على دراهم بلده وليس إذا لم يجز إطلاق الثياب في البيع وجاز إطلاق الدراهم فيه أن يقع الفرق بينهما في الإقرار .
والثاني : أن الإقرار هو إخبار بمستحق في الذمة ، وقد يصح أن يستحق في الذمة من غير نقد البلد بقرض ، أو غصب ، أو تسمية في عقد فصح أن يقبل منه في بيان إقراره وخالف البيع الذي استشهد به
المزني من حيث إن البيع ابتداء حتى يوجب إطلاقه العرف المقصود فيه .
فأما استدلاله بالوزن من دراهم الإسلام فلأن غيرها يوجب نقصا في القدر فلم يقبل في الانفصال كالاستثناء وهذا لا يوجب نقصا في القدر فصح وقبل كالصحاح ، والمكسرة ، والله أعلم بالصواب .