مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - "
ولو قال له علي قفيز حنطة معه دينار كان عليه قفيز لأنه قد يقول مع دينار لي
ولو قال له علي قفيز لا بل قفيزان لم يكن عليه إلا قفيزان " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذ قال : له علي قفيز حنطة لا بل قفيزان لم يكن عليه إلا قفيزان وقال
أبو حنيفة : يلزمه في الاستحسان قفيزان وفي القياس ثلاثة أقفزة ووافقنا استحسانا وخالفنا قياسا :
استدلالا بأنه راجع بذلك عن القفيز الأول مثبت بعده لقفيزين آخرين فلزم الجميع ، ولم يقبل منه الرجوع .
وهذا خطأ في القياس شرعا ، وفي مقتضى اللسان لغة من وجوه ثلاثة :
أحدها : أن اللفظ المتصل بالإقرار أكثر امتزاجا من اللفظ المنفصل عنه ثم ثبت أنه لو قال : له علي قفيز ثم أمسك ، ثم قال له بعد انفصال كلامه : علي قفيزان لم يكن عليه إلا قفيزان لا غير ، فإذا قال متصلا به : علي قفيز لا بل قفيزان ، فأولى أن لا يلزمه إلا قفيزان لا غير .
والثاني : أنه لو كان قوله لا بل قفيزان يوجب ضمهما إلى القفيز الأول قياسا لوجب إذا قال : له علي قفيز لا بل أكثر من قفيز ، وقد أجمعوا قياسا أنه لا يلزمه إلا قفيز وشيء فكذلك في قوله لا بل قفيزان .
والثالث : أن قوله لا بل قفيزان ، ليس بنفي للقفيز الأول وإنما هو استدراك زيادة عليه لأمرين
[ ص: 58 ] أحدهما : أن المثبت الباقي لا يجوز أن يدخل فيه المنفي ، والقفيز داخل في القفيزين فلم يجز أن يكون إثبات القفيزين نفيا للقفيز .
والثاني : أن مفهوم اللسان في اللغة من قول من قال : رأيت رجلا لا بل رجلين ، أنه مخبر عن رؤية رجلين بكلامه كله غير راجع بآخره عن أوله .
وفي هذين دليل على أنه استدراك لا نفي فصح ما قلناه لغة وقياسا .