مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : "
ولو ضمن له عهدة دار اشتراها وخلاصها واستحقت رجع بالثمن على الضامن إن شاء " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : ضمان درك البيع جائز وهو الرجوع بالثمن عند استحقاقه وضمان الدرك ، والعهدة سواء في الحكم وإن اختلفا لفظا .
وقال
أبو يوسف : سألت
أبا حنيفة عن ضمان العهدة فقال : ما أدري ما العهدة ، العهدة الكتاب ، فكأنه أنكر أن يعبر عن ضمان الدرك بضمان العهدة وهذه عبارة قد ألفها الناس واتسعوا فيها فلا وجه لإنكارها مع أن إنكار العبارة مع الاعتراف بالحكم غير مؤثر .
وقال
أبو العباس بن سريج :
ضمان الدرك باطل لأمرين :
أحدهما : أنه ضمان ما لا يجب لتردده بين أن يستحق ، أو لا يستحق .
[ ص: 81 ] والثاني : أنه ضمان مجهول لتردده بين استحقاق الكل ، أو البعض .
وقال
ابن أبي ليلى وزفر : إن ضمان الدرك بأمر البائع صح وإن ضمن بغير أمره بطل ، لالتزامه حكم عقده وهذا خطأ ، والدليل على جوازه مع أنه قول الجمهور أن ما دعت الضرورة إليه صح أن يرد الشرع به ، والضرورة تدعو إلى ضمان الدرك لما للناس من حاجة ماسة إلى التوثق في أموالهم ، وقد لا يوثق بذمة البائع لهوانها فاحتيج إلى التوثيق عليه بغيره ، والوثائق ثلاث : الشهادة ، والرهن ، والضمان .
والشهادة إنما تقيد التوثيق من ذمته لا غير فلم تؤثر في هذا المقصود ، والرهن فيه استدامة ضرر لاحتباسه إلى مدة لا يعلم غايتها وأن البائع لا يصل إلى غرضه من الثمن إذا أعطاه رهانه وهذا الضرر زائل عن الضمان ، والتوثق المقصود حاصل به فدل على صحته وجوازه ، ولا يكون ضمانا موقوفا كما قال
أبو العباس ؛ لأن المبيع إن كان مستحقا حين العقد فالضمان جائز وإن كان غير مستحق فلا ضمان فلم يتردد بين حال نظرا فيصير موقوفا ، ولا يكون ضمانا مجهولا ؛ لأن الثمن معلوم ويكون استحقاق بعضه مفضيا إلى جهالته كما يكون ضمانه إذا قامت للمضمون عنه بينة بأداء بعضه فسقوط الضمان فيه مفض إلى جهالته .