مسألة : قال
الشافعي : - رضي الله عنه - : " ولو
شهدوا على إقراره ، ولم يقولوا بأنه صحيح " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، والأولى بالشهود
إذا شهدوا على إقراره عند الحاكم ، ولم يستوفوا الشهادة بما ينفي عنها الاحتمال فيقولون : أشهدنا وهو صحيح العقل جائز التصرف فإن أطلقوا الشهادة فلم يذكروا فيها صحة العقل وجواز الأمر جاز للحاكم أن يحكم بها ما لم يعلم خلافها .
وقال
ابن أبي ليلى : لا يجوز له الحكم بها لاحتمال أن يكون المشهود عليه مجنونا ، أو مكرها . وهذا خطأ من وجهين :
[ ص: 85 ] أحدهما : أن الحكم يتعلق بالأغلب من ظاهر الحال ، والأغلب السلامة ، والصحة .
والثاني : أن الظاهر من حال الشهود أنهم لا يؤدون ما تحملوا إلا عند وجوب إثباته ولزوم الحكم به غير أن الأولى بالحاكم في مثل هذه الحال أن يأمر الشهود بإكمال الشهادة من غير تلقين لهم ليزول الخلاف وينتفي الاحتمال .
وإن جاز أن يقتصر على الحكم بها :
فإن ادعى المشهود عليه الجنون عند الإشهاد عليه لم يقبل دعواه وحكم عليه بالصحة حتى يعلم خلافها ؛ لأنها أصل ، والجنون عارض . ولو ادعى الإكراه قال
أبو حامد الإسفراييني : يقبل قوله وفرق بين الجنون ، والإكراه ؛ لأن أحكام المكره مختلف فيها وأحكام المجنون متفق عليها . وهذا عندي ليس بصحيح ؛ لأن ما احتملته الشهادة من معاني الرد فهو مانع من قبولها كالجهالة بالعدالة وفي إنفاذ الحكم بها مانع من احتمال الإكراه كما في إنفاذه مانع من احتمال الجنون ولو فرق بينهما بأن فقد العقل أظهر لكان أعذر وإن لم يكن في الحالين عذر .