فصل :
وإذا أعار أرضا لدفن ميت فليس له بعد الدفن الرجوع فيها ؛ لأن دفن الموتى للاستدامة ، والبقاء شرعا وعرفا ولو أوصى أولياؤه بنقله منعوا منه ؛ لأنه حق للميت ولما فيه من انتهاك حرمته بالنقل وليس لصاحب الأرض المطالبة بأجرة القبر بعد الرجوع في العارية وجها واحدا ، ولا تختلف لأمرين : أحدهما : أن العرف غير جار .
والثاني : أن الميت زائل ، والأولياء لا يلزمهم فلو أن الميت المدفون نبشه الوحش حتى ظهر وجب أن يعاد إلى قبره جبرا وليس لصاحب الأرض بعد ظهوره أن يرجع في عاريته ويمنع من دفنه ؛ لأنه قد صار حقا للميت مؤبدا ، فلو أن رجلا أذن للناس أن يدفنوا موتاهم في
[ ص: 131 ] أرضه فإن سبلها للدفن فليس له الرجوع فيها لخروجها عن ملكه وإن لم يسبلها فله الرجوع فيها ، ولا يكون الإذن بالدفن فيها تسبيلا لها فإذا رجع فله المنع من إحداث دفن فيها وليس له نقل من دفن وتحرم على من أعار أرضا للدفن أن يتصرف على ظاهر القبر من أرضه لما فيه من انتهاك حرمة الميت مع ورود النهي عنه ، فلو أراد أن يدفن فيه ميتا آخر لم يجز إلا أن يتجاوز مكان لحده فيجوز وإن كان مقارنا .