فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يكون الغرس ، والبناء ملك لرب الأرض ، فإن رضي رب الأرض أن يأخذ الأرض بغرسها وبنائها قائما أخذه فلا شيء عليه من مؤنة البناء وليس للغاصب أن ينقض الغرس ، والبناء ؛ لأنه لا يستفيد بقلعها شيئا فصار ذلك منه سفها وإن
طالب رب الأرض الغاصب بقلع الغرس ، والبناء لينفصلا عن الأرض فإن كان له في ذلك غرض يصح أن يكون مقصودا أجبر الغاصب على القلع ولزمه نقص الغرس ، والبناء عما كان قبل أن غرس وبنى ونقص الأرض على ما وصفنا من المذهبين ، وإن لم يكن في قلعه غرض يصح لقاصد فهل يجبر الغاصب على قلعه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجبر عليه ؛ لأنه عبث وسفه .
والوجه الثاني : يجبر عليه ؛ لأن المالك متحكم على الغاصب لتعديه ، فعلى هذا لو كانت
[ ص: 170 ] قيمته تنقص إن قلع عما كانت عليه قبل الغرس ، والبناء فطالبه بأرش النقص مع ترك الغرس ، والبناء قائما ، فإن قيل بالوجه الأول إنه لا يجبر على القلع لم يكن له أرش إذا لم يكن له قائما نقص . وإن قيل بالوجه الثاني أنه يجبر على القلع استحق الأرش إن كان قائما غير ناقص ؛ لأنه لما استحق المطالبة به مع التزام مؤنة القلع فأولى أن يستحق المطالبة به مع عفوه عن القلع .