فصل : فأما
المزني فإنه يمنع الغاصب من سد البئر ورد التراب إذا منعه المالك من السد ، والرد استشهادا بما ذكره من نسج الغزل ثوبا وضرب الطين لبنا وطبع النقرة دنانير فنبدأ بشرح المذهب فيما ذكره ثم بالكلام معه ، والمذهب في
الغزل إذا نسجه الغاصب ثوبا ، والطين إذا ضربه لبنا ، والنقرة إذا طبعها دنانير أنه متى رضي المالك بأخذ الغزل ثوبا منسوجا ، والطين لبنا مضروبا ، والنقرة دنانير مطبوعة فله ذلك وليس للغاصب نقض الغزل وتكسير اللبن وسبك الدنانير وليس له أيضا أجرة العمل . أما النقض ، والتكسير ، والسبك لما فيه من إتعاب بدنه وأعوانه من غير اجتلاب نفع ، ولا دفع لضرر . وأما الأجرة فلأمرين :
أحدهما : أنه قد عمل عملا وتعدى به المتعدي لا يستحق عليه أجرا .
والثاني : أنه عمله لنفسه ومن عمل لنفسه فلا يستحق على غيره أجرا فلو أن الغاصب قبل تسليم ذلك إلى مالكه نقض الثوب فجعله غزلا وكسر اللبن طينا وسبك الدنانير نقرة حتى صار على حاله الأولى قبل الغصب ضمن ما بين قيمة الثوب منسوجا وغزلا ، وما بين قيمة اللبن مضروبا وطينا ، وما بين قيمة الدنانير مطبوعة ونقرة ؛ لأنه قد كان يلزمه تسليمها حين زادت بعمله ويمنع من إعادتها إلى ما كانت عليه من قبل ، فلزمه ضمان النقص . فأما رب الغزل ، والطين ، والنقرة إذا طالب الغاصب بنقض الثوب غزلا وتكسير اللبن طينا وسبك الدنانير نقرة فإن كان له في ذلك غرض صحيح أخذ الغاصب به ليعود ذلك كما غصبه وإن لم يكن له غرض صحيح على ما مضى من الوجهين .