فصل : وإذا
غصب أرضا فطرح فيها ترابا لم يخل حال التراب من أحد أمرين إما أن يمكن أخذه منها أم لا فإن أمكن أخذه منها أخذه الغاصب إن تميز وضمن ما نقصت الأرض بأخذه إن نقصت وإن لم يمكن أخذه منها لبسط ذلك فيها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون على قيمتها الأولى لم تزد ، ولم تنقص فلا شيء على الغاصب ، ولا له ؛ لأن ترابه صار مستهلكا .
والقسم الثاني : أن تكون قيمتها قد نقصت عن حالها قبل بسط التراب فيها فيضمن قدر نقصها ، ويصير ترابه مستهلكا .
والقسم الثالث : أن تكون قيمتها قد زادت عن حالها قبل بسط التراب فيها فلا يخلو حال التراب من أحد أمرين :
إما أن يكون طاهرا ، أو نجسا فإن كان نجسا كالأرواث ، والكسايح النجسة فلا شيء للغاصب فيها لفوات الرجوع بها وتحريم المعاوضة عليها . وإن كان طاهرا ففيه وجهان : أحدهما : أنه مستهلك لا شيء له فيه لاستهلاكه إياه بنفسه فيما لا يتميز عنه .
والوجه الثاني : أنه يكون شريكا في ثمن الأرض بقدر ثمن التراب ، ولا يكون ذلك استهلاكا لترابه كما لا يكون صبغ الثوب بما لا يمكن استخراجه منه استهلاكا للصبغ ، فعلى هذا ينظر قيمة الأرض قبل بسط التراب فيها فإذا قيل ألف نظر قيمة التراب قبل بسطه فإذا قيل
[ ص: 176 ] مائة نظر قيمة الأرض بعد بسط التراب فيها فإن كانت ألفا ومائة وليس في القيمتين بعد الاجتماع زيادة ، ولا نقص على ما قبل الاجتماع فيصير الغاصب شريكا له في الأرض بمائة هي قيمة ترابه ، وإن كانت قيمة الأرض ألفا وخمسين فقد نقصت عن القيمتين بعد الاجتماع خمسون فيكون الغاصب شريكا في الأرض بالخمسين الزائدة على الألف ويكون النقص داخلا عليه وحده لضمانه نقص الأرض بالتعدي وإن كانت قيمة الأرض ألفا ومائتين فقد زادت على القيمتين بعد الاجتماع مائة فتكون المائة الزائدة بينهما على قدر المالين في أحد عشر سهما لحدوثها عن المالين معا ، والله أعلم بالصواب .