مسألة : قال
الشافعي رحمه الله " ولو
غصبه دابة فضاعت فأدى قيمتها ثم ظهرت ردت عليه ورد ما قبض من قيمتها ؛ لأنه أخذ قيمتها على أنها فائتة فكان الفوات قد بطل لما وجدت ولو كان هذا بيعا ما جاز أن تباع دابة غائبة كعين جني عليها فابيضت ، أو على سن صبي فانقلعت فأخذ أرشها بعد أن أيس منها ثم ذهب البياض ونبتت السن فلما عادا رجع حقهما وبطل الأرش بذلك فيهما ( وقال في موضع آخر ) : ولو
قال الغاصب أنا أشتريها منك وهي في يدي قد عرفتها فباعه إياها فالبيع جائز ( قال
المزني ) رحمه الله : منع
بيع الغائب في إحدى المسألتين وأجازه في الأخرى .
قال
الماوردي : وهذا كما قال :
إذا غصب عبدا فأبق ، أو بعيرا فشرد ، أو فرسا ففر فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون رده ممكنا لمعرفة مكانه .
والثاني : أن يكون رده ممتنعا للجهل بمكانه فإن كان رده ممكنا ومكانه معروفا فالواجب أن يؤخذ الغاصب بطلبه ، والتزام المؤنة في رده ولو كانت أضعاف قيمته كما يؤخذ بهدم بنائه وإن كان أكثر من قيمة الأرض المغصوبة أضعافا فلو أمر الغاصب مالكها أن يستأجر
[ ص: 215 ] رجلا لطلبها فاستأجر رجلا وجبت أجرته على الغاصب ولو طالب المالك بنفسه لم يستحق على الغاصب أجرة الطلب ؛ لأنه أمره باستئجار غيره فصار متطوعا بطلبه فإن استأجر الغاصب مالكها لطلبها بأجرة مسماة ففيه وجهان :
أحدهما : أن الإجارة جائزة وله الأجرة المسماة ؛ لأنه مالك لمنافع نفسه فيملك المعاونة عليها .
والوجه الثاني : أن الإجارة باطلة ، ولا أجرة له ؛ لأنه لا يصح أن يعمل في ماله بعوض على غيره ، والله أعلم .