فصل : وأما الفصل الثالث وهو
من تجب له الشفعة فهو الخليط في الملك المبيع دون الجار ، وقد مضى الكلام مع
أبي حنيفة في شفعة الجوار ، وإذا كان كذلك فلا فرق بين أن يكون الخليط وافر السهم وبين أن يكون قليل السهم حتى لو خالط بسهم من ألف سهم استحق به الشفعة ، وإن كان الخلطاء عددا ، كانت بينهم على ما سنذكره ، ولا فرق في خليط المالك إذا استقر ملكه بين أن يملك حصته بابتياع ، أو ميراث ، أو وصية ، أو هبة من بائع الشقص ، أو من غيره ؛ لأنه مالك قد يستضر بسوء المشاركة ويتأذى بمئونة المقاسمة . وأما إن كانت حصة الخليط وقفا نظر في الوقف .
فإن كان عاما كالوقف على الفقراء ، والمساكين ، أو على خاص لا يملك كالوقف على جامع ، أو مسجد فلا يستحق به شفعة في المبيع .
وإن كان خاصا على مالك كالوقف على رجل بعينه ، أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه عن الموقف فأما الموقوف عليه فقد اختلف قول
الشافعي - رضي الله عنه - هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا يكون مالكا لرقبته وإنما يكون مالكا لغلته ، فعلى هذا لا شفعة له لعدم ملكه .
والقول الثاني : يكون مالكا لرقبة الوقف ، فعلى هذا في استحقاقه للشفعة به وجهان : أحدهما : يستحق به الشفعة لثبوت ملكه ، واستضراره بسوء المشاركة .
والوجه الثاني : لا شفعة له ؛ لأنه ليس بتام الملك ، ولا مطلق التصرف . ثم الشفعة تجب للأب على ابنه وللابن على أبيه وللرجل على زوجته وللمرأة على زوجها وللسيد على مكاتبه
[ ص: 235 ] وللمكاتب على سيده ولا يستحقها السيد على عبده ، ولا على مدبره ، ولا على أم ولده ، ولا يستحقها أحدهم على سيده .