فصل : فإذا تقرر توجيه القولين
فللمشتري وللشفيع أربعة أحوال :
أحدهما : إن تعجل الشفيع الثمن فيجبر المشتري على تسليم الشقص على القولين معا ؛ لأنه قد تعجل مؤجلا وأمن خطرا .
والحالة الثانية : أن يرضى المشتري بتسليم الشقص وتأجيل الثمن فيلزم الشفيع أن يأخذ ، أو يعفو على القولين معا ؛ لأنه قد يتعجل منافع الشقص ، ولا يستضر بتعجيل الثمن فإن لم يفعل وانتظر بأخذه حلول الأجل بطلت شفعته على قوله في القديم ، وفي بطلانها على الجديد وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي الفياض : أنه على شفعته إلى حلول الأجل ؛ لأن تأجيل الثمن قد جعل حق الطلب مقدرا به .
والوجه الثاني : وهو الأصح أن شفعته قد بطلت ؛ لأن طلبه قدر بمدة الأجل رفقا بالمشتري فصار من حقوقه لا من حقوق الشفيع .
والحالة الثالثة : أن يدعو المشتري إلى تعجيل الثمن وتسليم الشقص فلا يلزم الشفيع ذلك على القولين معا ؛ لأن تعجيل المؤجل استزادة في الثمن ، والمشتري ممنوع من الاستزادة فيه . فلو قال المشتري أنا أحطه من الثمن بسبب التعجيل قدر ما بين الحال والمؤجل ، لم يجز لأمرين :
أحدهما : أنه مفض إلى الربا ، والثاني : أن ما استحق تأجيله لم يلزمه تعجيله .
والحالة الرابعة : أن يطالب الشفيع بالشقص مؤجلا ويؤخر الثمن إلى حلول الأجل فهي مسألة القولين : فعلى قوله في القديم : يجاب إلى ذلك إن كان ثقة ، أو يضمنه غير ثقة . فعلى هذا لو مات المشتري حل ما عليه من الثمن وإن لم يحل ما على الشفيع وكان باقيا إلى أجله ، ولو مات الشفيع حل ما عليه من الثمن وللمشتري أن يتعجله ، وما عليه باق إلى أجله .
ولو كان المشتري قد دفع بالثمن رهنا لم يلزم الشفيع أن يدفع به رهنا ؛ لأن الرهن وثيقة في الثمن وليس من جملة الثمن ، وعلى قوله في الجديد : يمنع من الشقص إلى حلول الأجل ، والمشتري يمكن من التصرف فيه بما شاء من سكنى واستغلال وإجارة وبيع ما لم
[ ص: 255 ] يستهلكه ؛ لأن تعلق حق الشفيع به لا يزيل ملك المشتري عنه أو لا يمنع من التصرف في ملكه إلا بما يفضي إلى إبطال حق الشفيع من الاستهلاك ، والإتلاف وليس البيع استهلاكا ؛ لأنه بعد البيع يقدر على أخذه بأي العقدين شاء .
فلو مات المشتري حل ما عليه من الثمن وكان للشفيع أن يصير إلى حلول الأجل ولو مات الشفيع كان لورثته أن يصبروا إلى حلول الأجل ؛ لأنه لم يتعلق بذمته ما يحل بموته بخلاف القول الأول .