فصل : وإن رأت في ولادتها دما فعلى ضربين :
أحدهما : أن يبتدئ بها مع الولادة .
والثاني : أن يبتدئ بها قبل الولادة ، فإن بدأ بها
الدم قبل الولادة فلا يخلو من أن يتصل بدم الولادة أم لا ، فإن لم يتصل إلى ما بعد الولادة ، وانقطع قبلها لم يكن ذلك الدم نفاسا ، لا يختلف أصحابنا فيه ، كان كالذي تراه المرأة من الدم على حملها هل يكون حيضا أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : قاله في القديم وهو مذهب
أبي حنيفة يكون دم فساد ، فلا يكون حيضا .
والقول الثاني : قاله في الجديد ، وهو مذهب
مالك يكون حيضا وسنذكر توجيه القولين في موضعه من كتاب العدد ، وإن اتصل الدم بما بعد الولادة فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي الطيب بن سلمة أنه دم نفاس ، وإن أول نفاسها من حين بدأ بها الدم قبل الولادة لاتصاله بها وكونه أحد أسبابها .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أن ما تقدم الولادة ليس بنفاس ، وإن أول النفاس ما بعد الولادة : لأن دم النفاس ما بقي من غذاء المولود من الحيض ، فلم يجز أن يتقدم عليه ، فعلى هذين الوجهين ، لو ولدت ولدين ورأت مع الأول منهما دما ، واتصل
[ ص: 439 ] بولادة الثاني فعلى الوجه الأول يكون نفاسها من حين رأت الدم مع الأول ، وعلى الوجه الثاني يكون أوله بعد ولادة الثاني .