فصل : فإن
اتصل دم نفاسها حتى تجاوز ستين يوما ، فلا يخلو حالها من أحد أمرين إما أن يكون لها عادة في الحيض والنفاس أو مبتدأة ، فإن كانت مبتدأة في النفاس والحيض ، فما تجاوز الستين يوما استحاضة ، وليس بحيض لا يختلف أصحابنا فيه ، لأن يقين النفاس يغلب على شك الحيض ، فعلى هذا تصير الاستحاضة داخلة في النفاس ، ولها ثلاثة أحوال .
الأول : حال يكون لها تمييز .
الثاني : وحال يكون لها ولا عادة .
الثالث : وحال يكون مبتدأة ليس لها تمييز ولا عادة ، فإن كان لها تمييز وهو أن يكون
[ ص: 440 ] بعضه دما أسود ثخينا وبعضه أحمر رقيق ، فيكون السواد منه نفاسا ، والحمرة استحاضة ، وإن كان لها عادة بلا تمييز وهو أن يكون كل الدم لونا واحدا ولها عادة سالفة في نفاس مستمر فترد إلى عادتها في نفاسها ، ويكون ما تجاوزها استحاضة ، وإن كانت مبتدأة ليس لها تمييز ولا عادة ، فقد اختلف أصحابنا فيما ترد إليه على ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أنها ترد إلى أقل النفاس فعلى هذا تعيد جميع ما تركت من الصلوات سواء حددنا أوله بساعة أم لا : لأن الساعة حد لا يصادف وقت صلاة مستوعب ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أقل حيضها .
والوجه الثاني : وهو قول
ابن سريج أنها ترد إلى أوسط النفاس أربعين يوما وتعيد صلاة ما زاد عليه ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أوسط حيضها .
والوجه الثالث : وهو قول أبي إبراهيم
المزني ذكره في جامعه الكبير أنها ترد إلى أكثر النفاس ستين يوما ، وفرق بينه وبين الحيض أن النفاس يقين فجاز أن ترد فيه إلى أكثره ، وليس الحيض بيقين ، فلم يجز أن ترد فيه إلى أكثره .