الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا غصبه ألفا ثم قارضه عليها فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون قد استهلكها بالغصب فقد صارت بالاستهلاك دينا فيكون على ما ذكرنا .

والضرب الثاني : أن تكون باقية على ضربين :

أحدهما : أن مقارضته عليها بعد إبرائه من ضمانها فيجوز ؛ لأنها تصير بعد الإبراء وديعة .

والضرب الثاني أن يقارضه عليها من غير تصريح بإبرائه منها ففي القراض وجهان :

أحدهما : أنه باطل ؛ لأنها مضمونة عليه كالدين ، وما حصل فيها من ربح وخسران فلرب المال وعليه .

والوجه الثاني : وهو الصحيح أن القراض صحيح ؛ لأنه قراض على مال حاضر كما لو باعها عليه ، أو رهنها منه ، وفي براءته من ضمانها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه قد برئ من ضمانها ؛ لأنه قد صار مؤتمنا عليها .

والوجه الثاني : أنه لا يبرأ من ضمانها كما لا يبرأ الغاصب من ضمان ما ارتهنه .

والوجه الثالث : أنه ما لم يتصرف فيها بعقد القراض فضمانها باق عليه ، وإن تصرف فيها بدفعها في ثمن ما ابتاعه بها برئ من ضمانها إن عاقد عليها بأعيانها ، ولم يبرأ إن عاقد بها في ذمته ؛ لأنها في التعيين مدفوعة إلى مستحقها بإذن مالكها فصارت كردها عليه ، وفيما تعلق بذمته يكون مبرئا لنفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية