مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " وإن مات رب المال صار لوارثه فإن رضي ترك المقارض على قراضه ، وإلا فقد انفسخ قراضه وإن مات العامل لم يكن لوارثه أن يعمل مكانه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
عقد القراض يبطل بموت كل واحد من رب المال ، أو العامل ؛ لأن العقود الجائزة دون اللازمة تبطل بموت عاقدها وهما في العقد سواء ؛ لأنه تم بهما ، وهو غير لازم .
فإن بطل بموت كل واحد منهما لم يخل أن يكون الميت هو رب المال ، أو العامل فإن كان الميت منهما هو رب المال لم يخل أن يكون المال ناضا ، أو عرضا :
فإن كان ناضا منع العامل أن يتصرف فيه ببيع ، أو شراء ، ثم لورثة رب المال أن يسترجعوا رأس المال ، ويقاسموا العامل على ربح إن كان .
[ ص: 330 ] فإن أذنوا له في المقام على قراض أبيهم كان ذلك عقدا مبتدأ ، فلا يخلو حالهم من أحد أمرين : إما أن يكونوا عالمين بقدر المال ، أو جاهلين به .
فإن كانوا عالمين بقدره صح القراض إن كانوا أهل رشد لا يولى عليهم ، ولم يتعلق بتركة ميتهم ديون ، ولا وصايا .
وإن كانوا خلاف ذلك لم يصح إذنهم .
ثم إذا صح فلا يخلو أن يكون قد حصل للعامل فيه ربح قبل موت رب المال ، أو لم يحصل . فإن لم يحصل فكل المال الذي في يده قراض ورثة ربه . وإن كان قد حصل فيه ربح قبل موت ربه فهو شريك في المال بحصته من ربحه ، ويختص بما يحصل من فضله ، ومضارب فيما بقي من الربح مع رأس المال بما شرط له من ربحه .
وإن كان الورثة جاهلين بقدر المال عند إذنهم له بالقراض ففيه وجهان مخرجان من وجهين نذكرهما من بعد :
أحدهما : أن القراض باطل ؛ لأنه معقود بمال مجهول .
والوجه الثاني : أن القراض صحيح ؛ لأنه مبتدأ بعقد صحيح .
وإن كان مال القراض عند موت ربه عرضا فللعامل بيعه من غير استئذان الورثة ، ولا يجوز أن يشتري بثمنه شيئا من غير إذن الورثة ؛ لأن البيع من حقوق العقد الماضي وليس الشراء من حقوقه إلا بعقد مستأنف .
فإن أذن له الورثة في المقام على قراض أبيهم :
فإن كان بعد بيعه للعرض فقد صار الثمن ناضا فيكون كإذنهم له بالقراض والمال ناض ، وإن كان قبل بيع العرض ففي جواز القراض وجهان خرج منهما الوجهان المذكوران :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة : أن القراض باطل ؛ لأن عقده بالعرض باطل .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي إسحاق المروزي : أن القراض جائز ؛ لأنه استصحاب لعقد جائز .